بصعوبة ايضاح معنى الكسب.
وقال الغزالي: لا تعرف مسألة الكسب، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وقال ابن عربي: مكثت ثلاثين سنة أبحث عنها، ولم أعرفها، ثم اعترف بالجبر، لحتى قال: والذي أظنه أن الأشعري إنما قال بالكسب مع معرفته أنه ليس تحته مسمى تسترا عما يلزم الجبر من اللوازم.
إلى أن قال: ومن العجائب اصرارهم على دعوى الكسب مع عدم عثورهم على ماهيته قرنا بعد قرق، منذ عصر الشيخ أبي الحسن إلى تاريخنا، وقد طلب من تعب منهم في البحث عن حقيقته، وأفنى عمره في طلب معرفته فلم يجد ما يشفي، وكأنهم يلتمسون محله الذي واراه فيه الشيخ الكبير، ويظنون بأنفسهم القصور، أو التقصير ، فهم في هذا التعب والشقا، ولم يعلموا أن الشيخ إنما دفنه تحت بيضة العنقاء (1).
ومن عجائبهم: انهم يقولون: إن الكسب كان مذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين، وإن هذا أمرا كان مأنوسا، ثم يرتبون على هذا الافتراء صرف جميع ما في القرآن من ذكر لفظ الكسب إلى اصطلاح الأشعري، ويتركون اللغة العربية ظهريا، وهو من جنس تحريف الباطنية، ويغفلون عما يوردونه هم من مجادلة أبي بكر وعمر في ذلك، وذهاب أحدهما إلى الاختيار، والآخر إلى الجبر، وترافعهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله لهما: إن المجادلة في ذلك قد