ثم قال حسين لعمر وأصحابه: لا تعجلوا حتى أخبركم خبري، والله ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثلكم بأن السنة قد اميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عطلت، فأقدم لعل الله تبارك وتعالى يصلح بك أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فأتيتكم فإذ كرهتم فإنا راجع عنكم، وارجعوا إلى أنفسكم فانظروا هل يصلح لكم قتلي أو يحل لكم دمي؟! ألست ابن بنت نبيكم ابن ابن عمه وابن أول المؤمنين إيمانا، أوليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي، أو لم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفي أخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة.
فإن صدقتموني وإلا فاسألوا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأنس بن مالك وزيد بن أرقم.
فقال شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول!
فأقبل الحر بن يزيد - أحد بني رياح بن يربوع - على عمر بن سعد فقال:
أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: نعم! قال: أما لكم في واحدة من هذه الخصال التي عرض رضى؟ قال: لو كان الأمر إلي فعلت، فقال: سبحان الله ما أعظم هذا!
أن يعرض ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم ما يعرض فتأبونه!
ثم مال [59 / أ] إلى الحسين فقاتل معه حتى قتل، ففي ذلك يقول الشاعر المتوكل الليثي:
لنعم الحر حر بني رياح * وحر عند مشتبك الرماح ونعم الحر ناداه حسين * فجاد بنفسه عند الصباح وقال الحسين: أما والله يا عمر ليكونن لما ترى يوما يسوؤك، ثم رفع حسين يده مدا إلى السماء فقال:
اللهم إن أهل العراق غروني وخدعوني وصنعوا بحسن بن علي ما صنعوا، اللهم شتت عليهم أمرهم واحصهم عددا.
وناوش عمر بن سعد حسينا، فكان أول من قاتل مولى لعبيد الله بن زياد يقال له سالم، نصل من الصف فخرج إليه عبد الله بن تميم بن... فقتله،