لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنا إذا تناصينا أقمت لفعلت، ولكن لا أخال ذلك نافعي.
فقال له الحسين: لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي أن تستحل بي - يعني مكة -، قال: فبكى ابن عباس، وقال: أقررت عين ابن الزبير فذلك الذي سلا بنفسي عنه.
ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب [52 / أ] وابن الزبير على الباب، فلما رآه قال: يا بن الزبير قد أتى ما أحببت، قرت عينك، هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز.
يا لك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري (1) وبعث حسين إلى المدينة فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب وهم تسعة عشر رجلا ونساء وصبيان من إخوانه وبناته ونسائهم.
وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسينا بمكة واعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبى الحسين أن يقبل.
فحبس محمد بن علي ولده فلم يبعث معه أحدا منهم! حتى وجد الحسين في نفسه على محمد، قال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟!
فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.
وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج متوجها إلى العراق في أهل بيته وستين شيخا من أهل الكوفة، وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين.