القاموس المحيط - الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ٣٢
بسم الله الرحمن الرحيم حمد لمن شرف بظهور أشرف الكائنات لسان العرب * وقسم علومه إلى نقلية هي الشرعية وعقلية هي الأدب * وجعل كلا منهما متوقفا على معرفة اللغة * وصلاة وسلاما على سيدنا محمد واله الذين نالوا كل فضل أبلغه * وبعد فلما كان كتاب القاموس منتشرا في جميع الأمصار * لجمعه ما لم يجمعه غيره من حسن الاختصار * وكان الاهتداء إلى التقاط درره * والوقوف على دقائقه وغرره * موقوفا على علم اصطلاحاته * ومعرفة رموزه واشاراته * جمعت في ذلك فوائد اقتطفتها من مواضع متفرقة في حاشيته للعلامة الفاسي المعروف بابن الطيب لكونه آخر من كتب على القاموس من الأفاضل الاثني عشر الذين ذكرهم تلميذه الإمام الفاضل النحرير * ذو التدقيق والتحرير * السيد مرتضى الزبيدي فإنه شرحه على القاموس سمى جملة ممن شرحه كالنور المقدسي وسعدي أفندي وملا على قارى والمناوي والقرافي والسيد عبد الله الحسنى ملك اليمن الخ ثم قال ومن أجمع ما كتب عليه مما سمعت ورأيت شرح شيخنا الامام اللغوي أبى عبد الله محمد بن الطيب بن محمد الفاسي المتولد بفاس سنة 1110 والمتوفى بالمدينة المنورة سنة 1170 وهو عمدتي في هذا الفن * والمقلد جيدي العاطل بحلى تقريره المستحسن * هذا نص الشارح السيد مرتضى المتوفى بمصر يوم الأحد في شعبان سنة ألف ومائتين وخمسة عن ستين سنة مطعونا في يم الجمعة بعد صلاتها في الكردي ولم يدفن يوم وفاته لكتمان خبره من زوجته وأخذنها لخبث فعلوه في متروكاته بل دفن ثاني يوم في قبر أعده لنفسه بالمشهد المعروف بالسيدة رقية وذكره الجبرتي في تاريخه وأوسع القول وقال إنه لما أكمل شرح القاموس أو لم وليمة عظيمة جمع فيها أشياخ العصر مثل الدردير والحفنى والعدوي وقرظوا عليه سنة 1181 لكن الذي رأيته في آخر الشارح انه أتمه سنة 1188 قال وكان ذلك بمنزلي في عطفة الغسالين بخط سويقة المظفر بمصر يوم الخميس ثاني رجب بين الصلاتين وكان مدة املائه فيه 14 سنة وقد رأيت تقريضا على النسخة المنقولة في جامع محمد بك بخط الشيخ العدوي مؤرخا في شنة 1181 يقول فيه اطلعت على بعض ما ألفه السيد مرتضى الخ فهذا يدل على أن التقريظ كتب أيام الوليمة قبل اتمام الكتاب وكان وروده إلى مصر أوائل صفر سنة 1167 والفاسي ممن تلقى على الزرقاني شارح المواهب فإنه قال كما في شرح المواهب لشيخنا في بدر عند الكلام على كذا ورأيت في مجموعة الزيدلي أن ابن الطيب خلف ولدا كبيرا اسمه محمد المكي من كبار الخطباء والأئمة ولى القضاء مرارا واعلم انى إذا عزبت عبارة للحاشية أو للمحشى فمرادي الامام الفاسي وحاشيته وقد رتبت هذه الفوائد على مقدمة ومقصد وتتمة (فالمقدمة) في تعريف اللغة وبعض مبادى هذا العلم أما اللغة من حيث هي فهي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم كما سيذكره المصنف في باب المعتل وأما حد الفن فهو علم يبحث فيه عن مفردات الألفاظ الموضوعة من حيث دلالتها على معانيها بالمطابقة وقد علم بذلك أن موضوع علم اللغة المفرد الحقيقي ولذلك حده بعض المحققين فقال علم اللغة هو علم الأوضاع الشخصية للمفردات * وغايته الاحتراز عن الخطا في حقائق الموضوعات اللغوية والتمييز بينها وبين المجازات والمنقولات العرفية * قال بعض المحققين معرفة مفردات اللغة نصف العلم لان كل علم تتوقف إفادته واستفادته عليها * وحكمه أنه من فروض الكفايات كما ذكره السيوطي في المزهر أول النوع الحادي والأربعين قال لان به تعرف معاني ألفاظ القرآن والسنة ولا سبيل إلى ادراك معانيهما الا بالتبحر في هذه اللغة وكان عمر رضي الله عنه يقول لا يقرئ القرآن الا عالم باللغة ولذا قال بعض العلماء حفظ اللغات علينا * فرض كحفظ الصلاة - فليس يحفظ دين * الا بحفظ اللغات
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»