مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٧٢
الراجح دون التأكيد المرجوح.
(وفيه نظر لأن النفي عن الجملة في الصورة الأولى) يعنى الموجبة المهملة المعدولة المحمول نحو انسان لم يقم (وعن كل فرد في) الصورة (الثانية) يعنى السالبة المهملة نحو لم يقم انسان (انما أفاده الاسناد إلى ما أضيف إليه كل) وهو لفظ انسان.
(وقد زال ذلك) الاسناد المفيد لهذا المعنى (بالاسناد إليها) أي إلى كل لان انسانا صار مضافا إليه فلم يبق مسندا إليه (فيكون) أي على تقدير ان يكون الاسناد إلى كل أيضا، مفيدا للمعنى الحاصل من الاسناد إلى انسان يكون كل (تأسيسا لا تأكيدا) لان التأكيد لفظ يفيد تقوية ما يفيده لفظ آخر وهذا ليس كذلك لان هذا المعنى حينئذ انما أفاده الاسناد إلى لفظ كل لا شئ آخر حتى يكون كل تأكيدا له.
وحاصل هذا الكلام انا لا نسلم انه لو حمل الكلام بعد دخول كل على المعنى الذي حمل عليه قبل كل كان كل للتأكيد.
ولا يخفى ان هذا انما يصح على تقدير ان يراد به التأكيد الاصطلاحي اما لو أريد بذلك ان يكون كل لإفادة معنى كل حاصلا بدونه، فاندفاع المنع ظاهر وحينئذ يتوجه ما أشار إليه بقوله (ولان) الصورة (الثانية) يعنى السالبة المهملة نحو لم يقم انسان (إذا أفادت النفي عن كل فرد فقد أفادت النفي عن الجملة فإذا حملت) كل (على الثاني) أي على إفادة النفي عن جملة الافراد حتى يكون معنى لم يقم كل انسان نفى القيام عن الجملة لا عن كل فرد (لا يكون) كل (تأسيسا) بل تأكيدا، لان هذا المعنى كان حاصلا بدونه، وحينئذ فلو جعلنا لم يقم كل انسان لعموم السلب مثل لم يقم انسان لم يلزم ترجيح التأكيد على التأسيس إذ لا تأسيس أصلا بل انما لزم ترجيح أحد التأكيدين على الاخر.
وما يقال ان دلالة لم يقم انسان على النفي عن الجملة بطريق الالتزام ودلالة لم يقم كل انسان عليه بطريق المطابقة فلا يكون تأكيدا.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»