فالشاعر الثاني أراد بالعذيب تصغير العذب يعنى به شفة الحبيبة ويبارق ثغرها الشبيهة بالبرق وبما بينهما ريقها.
وهذا تورية وشبه تبختر قدها بتمايل الرمح وتتابع دموعه بجريان الخيل السوابق (ولا يضر) في التضمين (التغيير اليسير) لما قصد تضمينه ليدخل في معنى الكلام كقول الشاعر في يهودي به داء الثعلب أقول لمعشر غلطوا وغضوا، من الشبخ الرشد وأنكروه، هو ابن جلا وطلاع الثنايا، متى يضع العمامة يعرفوا، البيت لسحيم بن وشيل واصله اما ان جلا على طريقة التكلم فغيره إلى طريقة الغيبة ليدخل في المقصود.
(وربما سمى تضمين البيت فيما زاد على البيت استعانة وتضمين المصراع فما دونه ايداعا) كأنه أودع شعره شيئا قليلا من شعر الغير (ورفوا) كأنه رفا خرق شعره بشئ من شعر الغير.
(واما العقد فهو ان ينظم نثرا) قرآنا كان أو حديثا أو مثلا أو غير ذلك (لا على طريق الاقتباس) يعنى ان كان النثر قرآنا أو حديثا فنظمه انما يكون عقدا إذا غير تغييرا كثيرا وأشير إلى أنه من القرآن أو الحديث وان كان غير القرآن أو الحديث فنظمه عقد كيف ما كان إذ لا دخل فيه للاقتباس.
(كقوله ما بال من أوله نطفة، وجيفة آخره يفخر) الجملة حال أي ما باله مفتخرا (عقد قول) على رضي الله عنه وما لابن آدم الفخر وانما أوله نطفة وآخره جيفة (واما الحل فهو ان ينثر نظما) وانما يكون مقبولا إذا كان سبكه مختارا لا يتقاصر عن سبك النظم وأن يكون حسن الموقع غير قلق (كقول بعض المغاربة فإنه لما قبحت فعلاته وحنظلت نخلاته) أي صارت ثمار نخلاته كالحنظل في المرارة (لم يزل سوء الظن يقتاده) أي يقوده إلى تخيلات فاسدة وتوهمات باطلة (ويصدق) هو (توهمه الذي يعتاده) من الاعتياد (حل قول أي الطيب إذا ساء فعل المرء سائت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم يشكو سيف الدولة واستماعه لقول أعدائه.