فصل من الخاتمة في حسن الابتداء والتخلص والانتهاء (ينبغي للمتكلم) شاعرا كان أو كاتبا (ان يتأنق) أي يتبع الانق والأحسن يقال تأنق في الروضة إذا وقع فيها متتبعا لما يونقه أي يعجبه (في ثلاثة مواضع من كلامه حتى تكون) تلك المواضع الثلاثة أعذب لفظا) بان تكون في غاية البعد عن التنافر والثقل (وأحسن سبكا) بان تكون في غاية البعد عن التعقيد والتقديم والتأخير الملبس وأن تكون الألفاظ متقاربة في الجزلة والمتانة والرقة والسلاسة وتكون المعاني مناسبة لا لفظها من غير أن تكتسي اللفظ الشريف المعنى السخيف أو على العكس بل يصاغان صياغة تناسب وتلاؤم (وأصح معنى) بان يسلم من التناقض والامتناع والابتذال ومخالفة العرف ونحو ذلك.
(أحدها الابتداء) لأنه أول ما يقرع السمع فان كان عذبا حسن السبك صحيح المعنى اقبل السامع على الكلام فوعى جميعه والا عرض عنه وان كان الباقي في غاية الحسن فالابتداء الحسن في تذكار الأحبة والمنازل (كقوله قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل) السقط منقطع الرمل حيث يدقه واللوى رمل معوج ملتوي والدخول وحومل موضعان والمعنى بين اجزاء الدخول (و) في وصف الدال (كقوله:
قصر عليه تحية وسلام * خلعت عليه جمالها الأيام) خلع عليه أي نزع ثوبه وطرحه عليه.
(و) ينبغي (ان يجتنب في المديح مما يتطير به) أي يتشأم به (كقوله موعدا حبابك بالفرقة غد)، مطلع قصيدة لابن مقاتل الضرير أنشدها للداعي العلوي فقال له الداعي موعد أحبابك يا أعمى ولك المثل السوء (وأحسنه) أي أحسن الابتداء (ما ناسب المقصود) بأن يشتمل على إشارة إلى ما سبق الكلام لأجله،