مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٢
يناسب الغبي.
(ولكل كلمة مع صاحبتها) أي مع كل كلمة أخرى مصاحبة لها (مقام) ليس لتلك الكلمة مع ما يشارك تلك المصاحبة في أصل المعنى، مثلا الفعل الذي قصد اقترانه بالشرط، فله مع أن مقام ليس له مع إذا وكذا الكل من أدوات الشرط مع الماضي مقام ليس له مع المضارع وعلى هذا القياس (وارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول بمطابقته للاعتبار المناسب وانحطاطه) أي انحطاط شانه (بعدمها) أي بعدم مطابقته للاعتبار المناسب.
(والمراد بالاعتبار المناسب الامر الذي اعتبره المتكلم مناسبا بحسب السليقة أو بحسب تتبع تراكيب البلغاء، يقال اعتبرت الشئ، إذا نظرت إليه وراعيت حاله) وأراد بالكلام، الكلام الفصيح وبالحسن، الحسن الذاتي الداخل في البلاغة دون العرضي الخارج لحصوله بالمحسنات البديعية (فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب) للحال والمقام، يعنى إذا علم أن ليس ارتفاع شأن الكلام الفصيح في الحسن الذاتي الا بمطابقته للاعتبار المناسب على ما يفيده إضافة المصدر.
ومعلوم انه انما يرتفع بالبلاغة التي هي عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، فقد علم أن المراد بالاعتبار المناسب ومقتضى الحال واحد، والا لما صدق انه لا يرتفع الا بالمطابقة للاعتبار المناسب، ولا يرتفع الا بالمطابقة لمقتضى الحال فليتأمل.
(فالبلاغة) صفة (راجعة إلى اللفظ) يعنى انه يقال: كلام بليغ لكن لا من حيث إنه لفظ وصوت، بل (باعتبار إفادته المعنى) أي الغرض المصوغ له الكلام (بالتركيب) متعلق بافادته، وذلك لان البلاغة كما مر عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، فظاهر ان اعتبار المطابقة وعدمها انما يكون باعتبار المعاني والأغراض التي يصاغ لها الكلام، لا باعتبار الألفاظ المفردة والكلم المجردة.
(وكثيرا ما) نصب على الظرف لأنه من صفة الأحيان وما لتأكيد معنى الكثرة والعامل فيه.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 27 28 ... » »»