(الفن الأول علم المعاني) قدمه على البيان، لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب، لان رعاية المطابقة لمقتضى الحال وهو مرجع علم المعاني، معتبرة في علم البيان، مع زيادة شئ آخر وهو ايراد المعنى الواحد في طرق مختلفة.
(وهو علم) أي ملكة يقتدر بها على ادراكات جزئية، ويجوز ان يريد به نفس الأصول والقواعد المعلومة، ولاستعمالهم المعرفة في الجزئيات.
قال (تعرف به أحوال اللفظ العربي) أي هو علم يستنبط منه ادراكات جزئية، وهي معرفة كل فرد فرد من جزئيات الأحوال المذكورة، بمعنى ان أي فرد يوجد منها أمكننا ان نعرفه بذلك العلم.
وقوله (التي بها يطابق) اللفظ (مقتضى الحال) احتراز عن الأحوال التي ليست بهذه الصفة، مثل الاعلال والادغام والرفع والنصب وما أشبه ذلك مما لابد منه في تأدية أصل المعنى، وكذا المحسنات البديعية من التنجيس والترصيع ونحو هما مما يكون بعد رعاية المطابقة.
والمراد انه علم يعرف به هذه الأحوال من حيث إنها يطابق بها اللفظ مقتضى الحال، لظهور ان ليس علم المعاني عبارة عن تصور معاني التعريف والتنكير والتقديم والتأخير والاثبات والحذف وغير ذلك.
وبهذا يخرج عن التعريف علم البيان، إذ ليس البحث فيه عن أحوال اللفظ من هذه الحيثية، والمراد بأحوال اللفظ: الأمور العارضة له من التقديم والتأخير والاثبات والحذف وغير ذلك.
ومقتضى الحال في التحقيق هو الكلام الكلى المتكيف بكيفية مخصوصة على ما أشار إليه في المفتاح، وصرح به في شرحه لا نفس الكيفيات من التقديم والتأخير