جلل وشعره مستشزر وأنفه مسرج.
وقيل: هو حال من الكلمات ولو ذكره بجنبها لسلم من الفصل بين الحال وذيها بالا جنبي.
وفيه نظر لأنه حينئذ يكون قيدا للتنافر لا للخلوص ويلزم ان يكون الكلام المشتمل على تنافر الكلمات الغير الفصيحة فصيحا، لأنه يصدق عليه انه خالص عن تنافر الكلمات حال كونها فصيحة فافهم.
(فالضعف) ان يكون تأليف الكلام على خلاف القانون النحوي المشهور بين الجمهور كالاضمار قبل الذكر لفظا ومعنى وحكما (نحو ضرب غلامه زيدا).
(والتنافر) ان تكون الكلمات ثقيلة على اللسان وان كان كل منها فصيحة (كقوله وليس قرب قبر حرب) وهو اسم رجل (قبر) وصدر البيت " وقبر حرب بمكان قفر " اي خال عن الماء والكلاء، ذكر في عجائب المخلوقات ان من الجن نوعا يقال له الهاتف فصاح واحد منهم على حرب بن أمية فمات فقال ذلك الجني هذا البيت (وكقوله " كريم متى أمدحه أمدحه والورى معي، وإذا ما لمته لمته وحدي ") والواو في الورى للحال، وهو مبتدأ وخبره قوله معي.
وانما مثل بمثالين لان الأول متناه في الثقل والثاني دونه، أو لان منشأ الثقل في الأول نفس اجتماع الكلمات وفى الثاني حروف منها، وهو في تكرير أمدحه، دون مجرد الجمع بين الحاء والهاء، لوقوعه في التنزيل، مثل فسبحه، فلا يصح القول بان مثل هذا الثقل مخل بالفصاحة.
وذكر الصاحب إسماعيل بن عباد انه أنشد هذه القصيدة بحضرة الأستاذ ابن العميد، فلما بلغ هذا البيت قال له الأستاذ هل تعرف فيه شيئا من الهجنة؟ قال: نعم مقابلة المدح باللوم، وانما يقابل بالذم أو الهجاء، فقال: الأستاذ غير هذا أريد، فقال:
لا أدري غير ذلك.
فقال الأستاذ: هذا التكرير في أمدحه أمدحه مع الجمع بين الحاء والهاء، وهما من حروف الحق خارج عن حد الاعتدال نافر كل التنافر فأثنى عليه