مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٢٤
يستجيب الذين يسمعون) فإنه يمتنع ان يقال لا الذين لا الذين لا يسمعون لان الاستجابة لا تكون الا ممن يسمع ويعقل بخلاف انما يقوم زيد لا عمرو إذ القيام ليس مما يختص بزيد.
وقال الشيخ (عبد القاهر لا تحسن) مجامعة الثالث (في) الوصف (المختص كما تحسن في غيره وهذا أقرب) إلى الصواب إذ لا دليل على الامتناع عند قصد زيادة التحقيق والتأكيد (واصل الثاني) أي الوجه الرابع من وجوه الاختلاف ان أصل النفي والاستثناء (ان يكون ما استعمل له) أي الحكم الذي استعمل فيه النفي والاستثناء (مما يجهله المخاطب وينكره بخلاف الثالث) أي انما فان أصله ان يكون الحكم المستعمل هو فيه مما يعلمه المخاطب ولا ينكره كذا في الايضاح نقلا عن دلائل الاعجاز.
وفيه بحث لان المخاطب إذا كان عالما بالحكم ولم يكن حكمه مشوبا بخطاء لم يصح القصر بل لا يفيد الكلام سوى لازم الحكم وجوابه ان مراده ان انما يكون لخبر من شأنه ان لا يجهله المخاطب ولا ينكره حتى أن انكاره يزول بأدنى تنبيه لعدم إصراره عليه وعلى هذا يكون موافقا لما في المفتاح (كقولك لصاحبك وقد رأيت شبحا من بعيد ما هو الا زيد إذا اعتقده غيره) أي إذا اعتقد صاحبك ذلك الشبح غير زيد (مصرا) على هذا الاعتقاد (وقد ينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب فيستعمل له) أي لذلك المعلوم.
(الثاني) أي النفي والاستثناء (افرادا) أي حال كونه قصر افراد (نحو وما محمد الا رسول صلى الله عليه وآله أي مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبري من الهلاك) فالمخاطبون وهم الصحابة رضي الله عنهم كانوا عالمين بكونه مقصورا على الرسالة غير جامع بين الرسالة والتبري من الهلاك لكنهم لما كانوا يعدون هلاكه أمرا عظيما (نزل استعظامهم هلاكه منزلة انكارهم إياه) أي الهلاك فاستعمل له النفي والاستثناء واعتبار المناسب هنا هو الاشعار بعظم هذا الامر في نفوسهم وشدة حرصهم على بقائه عليه الصلاة والسلام عندهم.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»