من قوله (ع) على اليد ما أخذت ليس مجرد الحكم التكليفي بأداء العين ما دامت باقية ومثلها أو قيمتها حال تلفها بل المستفاد منه نحو من التعهد والالتزام المقتضى لخروجه عن عهدة العين بمراتبها فما دامت العين باقية يقتضي ذلك التعهد رد شخص العين وعند تعذره دفع ما هو أقرب إلى التالف فنفس التعهد والالتزام بنفسه أمر اعتباري له نحو وجود عند العقلاء نظير الذمة بل الذمة في الحقيقة ليست إلا نحو تعهد والتزام فمعنى أن له على ذمة عمر وألفا إن عمرا ملتزم بأدائه ولا نعنى به اللزوم والشرعي أو الحكم العرفي بل المقصود أن المديون متعهد بالدين الكلى فكأنه تضمنه والصفة على نفسه فعليه عند مطالبة الدائن أن يدفعه إليه وهذا المعنى وإن كان لا تأصل له في الخارج إلا أن له نحو ثبوت واعتبار لدى العقلاء يتصفون به مالكه ذا مال وهذا النحو من الثبوت هو المصحح لتحقق مفهوم الرهن بالنسبة إليه وعلى هذا فنقول إن ما هو ملاك صحة الرهن في الدين أعني التعهد متحقق في القمام على نحو أكمل لأنه متعهد برد المال الخاص بخصوصيته الشخصية وقد عرفت أن معنى التعهد الالتزام برد العين مع التمكن ومع التعذر رد ماليته وما هو أقرب إلى نفس العين وهذا المعنى مصحح لاخذ الرهن وتحقق مفهومه والحاصل إن ملاك تحقق ماهية الرهن على ما نتعقله من مفهومه هو أن يكون للمرتهن على الراهن مال مرتبط به منقطع عن المالك بحيث يكون خسارته عليه كما لو كان عينه تحت يده عصبا فإنه على هذا التقدير يصلحه أخذ بدل الحيلولة والمقاصة من ماله ففيما يأخذه بدلا أن رضيا بأن يكون محبوسا عنده أن رد عينه إليه إلى رأس شهر فهو وإلا فهو مسلط على استيفاء حقه منه يصير رهنا على ما يستفاد من مفهومه عرفا فيشمله عموم وجوب الوفاء بالعقد مضافا إلى عموم سلطنة الناس على أموالهم وخصوص الأدلة الدالة على جواز أخذ الرهن ولزومه و هذا بخلاف الأمانات فإن المال فيها ليس مرتبطا بالأمين هذا النحو من الارتباط بل يدهن في الحقيقة يدي المستأمن فليست يده منقطعة عنه فيكف يحبس ما الغير بحذائه مع أنه في الحقيقة تحت يده كما عرفت وأما الضمان بالعقد أما القسم الثاني منه وهو ضمان التلف قبل القبض ونظائره فقد يقال بجواز أخذ الرهن عليه كما هو المحكى عن بعض كتب العلامة وغيره نظرا إلى كونه نظير ضمان اليد في الحكم لأن البايع ملتزم بخسارته ومتعهد بإيصاله إليه مع وجوده وعند التعذر يجب عليه دفع بدله المعين وهو الثمن المسمى ولكن يضعفه أن الضمان في المقام ليس على حقيقته أعني من قبيل الالتزام والتعهد بإيصال شئ حتى يثبت به له حق عليه بل حكم شرعي تعبدي بانفساخ البيع ووقوع التلف من كيس البايع فيرد الثمن المسمى لكونه بشخصه ملكا للمشتري لا لكن غرامة عن التالف وإلا لكان الواجب عليه دفع المثل أو القيمة دون المسمى كما يقتضيه قاعدة الضمان ويشير إلى هذا المعنى ما يستفاد من الاخبار وكلمات علمائنا الأخيار من أن تلف المبيع قبل قبضه من مال بايعه وكذا التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له كما لا يخفى وأما ضمان الدرك فالظاهر عدم جواز أخذ الرهن عليه لما عرفت من توقف تحققه عرفا على ثبوت شئ يحاذي الرهن للمرتهن على الراهن وهو في الفرض منتف لانتقال كل من العوضين إلى الآخر في مرحلة الظاهر فلا يجوز للمشتري أخذ الرهن على الثمن لكونه ملكا للبايع فلا يعقل الرهن عليه ولا على المبيع لوصوله إليه وكونه في يده على ما هو المفروض وأما تعهده بالخروج عن عهدة الثمن لو خرج المبيع مستحقا للغير فهو ليس أمرا ثابتا يصح أخذ الرهن عليه إذ ليس هذا الالتزام بالرد عند ظهور الاستحقاق المنافي لأصالة الصحة فليس عليه قبل ظهور الاستحقاق تعهد فعلى بالنسبة إلى مال المشتري حتى يصح أخذ الرهن عليه نعم بعد ظهور الاستحقاق له ذلك إلا أنه يرجع إلى القسم الأول أعني الضمان باليد كما لا يخفي ثم أنه قد يتصور صحة الرهن التعليقي في الفرض لو قلنا بجواز التعليق في مثل المورد وعدم اعتبار التنجيز في العقود مطلقا بأن رضيا بكونه رهنا على الثمن لو كان المبيع مستحقا للغير فيتحقق ماهية الرهن حقيقة لو كان التقدير محقا في الواقع ولكن لا يترتب عليه في مرحلة الظاهر أثر الرهانة لكونه منافيا لأصالة الصحة بل يقع مراعى إلى أن ينكشف الحال فإن ظهر أن المبيع كان مستحقا للغير يعلم إنه كان رهنا من أول الأمر الضمان اليد وإلا فلا ويصح للمرتهن التصرف فيه بما يشاء قبل ظهور الاستحقاق لعدم كونه رهنا في مرحلة الظاهر كما لا يخفي ثم على تقدير الصحة في الفرض مطلق هل يمتد الرهانة إلى أن ينكشف الحال ويعلم عدم كونه مستحقا للغير أو يكفي حصول إلا من من الاستحقاق فينفسخ الرهانة ويجوز للبايع والتصرف فيه وجهان وعلى تقدير كفاية الاطمينان لو عاد الاحتمال يعود الرهانة من دون حاجة إلى عقد جديد إذ لا نعنى بالانفساخ انفساخا حقيقا بل المقصود أنه يعامل معاملة الانفساخ فإذا عاد الاحتمال يتبين خطاء مستند الأمنية ويعلم أنه الرهانة كان باقيا من أول الأمر من دون انفساخ حقيقي ثم أنه قد ظهرت مما قررنا أنه يعتبر في تحقق مفهوم الرهن من ثبوت حق فهل يعتبر أن يكون الحق الثابت مقدما على الرهن فلا يكفي ايجادهما دفعة كما لو اقترن سببا هما بأن يقول البايع مثلا بعتك العبد بألف ورهنت الدار بها أو رهنة بها فيقول المشترى قبلتهما أم لا يعتبر ذلك بل يصح الرهن في المثال فيه وجهان من توقف تحققه مفهوما على الحق وهو لا يتحقق إلا بتمام سببه ومجرد الايجاب لا يكفي في ثبوت ما يحاذي الرهن فيقع إيجاب الرهن لغو العدم وقوعه في محل قابل والاجماع المدعى على أن ما هو شرط في العقد شرط في جميع أجزائه ومن أن تحقق الرهن في الخارج ووقوع أثره وإن كان متوقفا على ثبوت شئ على الراهن واقعا إلا أن إنشائه وإيجاد سببه من حيث إنه سبب لا يتوقف إلا على اعتقاد الثبوت أو جعل الثبوت أولا لا الثبوت الواقعي فإنشائه البيع أولا يكفي في إنشائه الرهن على الألف الذي أوجبه على الراهن بإنشائه وإن لم يلزم عليه ذلك إلا بالقبول فمتى لحقه القبول كان قال قبلت البيع و الرهن بل لو قال قبلتهما يؤثر ولا يخفى عليك أن القول بالصحة إنما هو فيما لو تأخر إيجاب الرهن عن إيجاب البيع وكذا قبوله يعتبر أن لا يكون مقدما على قبول البيع وإلا فيصير من قبول الرهن على ما يستقرضه وقد عرفت الاجماع على بطلانه وأما الاجماع المدعى في المقام فإثبات عمومه بحيث يعم المورد مع كون المسألة بالخصوص خلافية مشكل فعلى هذا لا يخلو الوجه الأخير عن قوة وتنظيره ببيع الوارث ما يرثه في أثناء الصيغة قبل تمامها وكذا بيع ما
(٢٢٠)