أن يكون هذا مجانا بل لو قيل في المثال باقتضائه ذلك بحسب الظهور العرفي لأمكن المنع في المقام عرفا فلا يقاس ما نحن فيه بإباحة الطعام مثلا ضرورة الفرق بينهما بحسب الظهور عند العرف والحاصل إن العارية لا تقتضي عدم استحقاقه للقيمة تماما بعد البيع بل بقاء العين على ملكيته وعدم خروجه عن ملكه بالرهن يقتضى دخول العوض في ملكه تماما وإذنه في كونه رهنا لا يقتضى إلا استحقاق استيفاء المرتهن دينه من ثمنه لا مجانا فحصول فراغ الذمة للراهن بذلك مجانا ليس من مقتضياتها بل مقتضاه ليس إلا اشتغال ذمة الراهن للمالك بعد أداء دينه عن ثمن ماله وهذا واضح وإن أريد من عدم الضمان الذي هو حكم العارية عدمه ما لو تلف بتلف سماوي ففيه إنه لا فرق من هذه الجهة بين كونه عارية أو غيرها إذ كما أن قاعدة اليد مخصصة بالعارية كذا مخصصة بمطلق الأمانات وما نحن فيه منها وإن لم نسمه عارية على ما تقرر في كتاب البيع وقد تقدم في هذا الكتاب أيضا ما يدل على ذلك وعلى أي حال فلا بد من ذكر دليل خاص في المقام لا ثبات الضمان على القول بثبوته سواء قلنا بأنه عارية أم لا ولعل الوجه فيه أن بذل المال لأن يرهن عرفا تسليط للغير على المال بأن يتصرف فيه ويستولي عليه نحو استيلاء المالك على ماله بأن يكون تلفه من كيسه بمعنى أن له نحو استقلال في التصرف فيشبه القرض وهذا بخلاف سائر الامناء فأن يدهم يد النيابة فلا يقتضى الضمان وأما فيما نحن فيه فكأنه ألقى كله عليه وهذا الكلام لو تم يقتضى الضمان من دون فرق بين كونه عادية أو غيرها لأنه على فرض تمامية الظهور العرفي فهو في قوة الاشتراط في متن العقد فيصير العارية مشروطة بالضمان وهى مضمنة بلا إشكال ولكن فيه ما فيه كدعوى كونه في عرضة التلف والعارية في مثله تقتضي الضمان وفيها أيضا منع صغرى وكبرى لو لم يرجع في بعض الموارد العرفي بالقرائن الخارجية كما لا يخفى فعلى هذا الأقوى في المسألة عدم الضمان ولو لم نقل بأنها عارية وأما الرابعة فضعفها ظاهر لأن العارية إنما تقتضي ذلك لو لم يكن لامر لازم وأما لو كان كذلك كالإعارة للبناء عليه أو للغرس أو للدفن مثلا وإن كان للدفن جهة أخرى أيضا وهى حرمة النبش على المالك أيضا بعد أن كان الدفن بأذنه فلينتظر أمده في هذه الموارد ولا يجوز فيها إلزام المستعير برد العارية مطلقا كما سيتضح تفصيله إنشاء الله أما فيما نحن فيه فقد أذن المالك بأن يحدث المستعير في ملكه حقا لازما للغير أعني حق الرهانة فلا يجوز له أبطال عقد الرهن لكونه واقعا عن أهله في محله وهو يقتضى اللزوم فلا سلطنة له على المرتهن بوجه من الوجوه ولازمه حجره عن التصرف في ملكه قبل الفك ولا يقتضى كونه عارية الرجوع إليه بعد أن كان بإذنه وهل له الرجوع إلى الراهن في رد العين إذا كان قادرا على ذلك بمقتضى كونه عارية أم لا فنقول أما قبل إحداث الحق للغير فيه بأن يجعله رهنا فلا إشكال في أن له الرجوع ضرورة إن مجرد الإباحة ليس من العقود اللازمة فله الرجوع عن إذنه وأما بعد حلول الأجل أيضا له الزام الراهن بالفك بمعنى تخليص ماله ودفعه إليه لأن إذنه لا يقتضى حرمانه عنه أبدا بل غايته ترخيصه في استفادته منه بهذه الفائدة الخاصة ودفع عينه إليه فله المطالبة بالعين نعم لازم أذنه في الرهن أن لا يلزمه بتحصيل شخص العين لو بيع لاستيفاء الدين فله مطالبة القيمة حينئذ وأما قبله فله الزامه بتفريغ ما له هذا إذا كان بعد حلول الأجل أو كان الدين حالا وأما لو كان مؤجلا فهل له ذلك قبل حول الاجل مع تمكن الراهن من الفك وقبول المرتهن أم لا فيه وجهان من أن إذنه في جعله رهنا كما أنه يقتضى رفع سلطنته عن ماله لكونه محجورا عنه بالعقد اللازم كذا يقتضى رفع سلطنته عن الراهن قبل حلول الأجل بإلزامه بالفك توضيحه ان للسلطنة على المال مراتب منها كونه مسلطا على التصرف فيه مطلقا وأخذه من يد من هو مستول عليه فعلا سواء كان عن إذنه أم لا ومنها تسلطه على الزام من تصرف فيه في السابق برده إليه والخروج عن عهدته وهذه السلطنة إنما تتحقق فيما لو لم يكن تصرفه السابق بإذنه لقاعدة اليد وأما لو كان عن إذنه فليتبع إذنه فإن أذن له يجعله في مكان مخصوص مثلا إذنا مطلقا فليس له إلزامه برده إليه وإن أذن له في التصرف الخاص بشرط أن يرده بعد شهر مثلا فله الزامه بذلك بعد مضى الشهر وأما قبل انقضاء الشهر فليس له ذلك لو لم يكن تحت يده فعلا بأن كان عند شخص ثالث مثلا إذ لم يجعل لنفسه في إذنه السابق حقا بالنسبة إلى ما قبل مضى الشهر وليس هو مستوليا عليه فعلا حتى يمنعه عن التصرف وأما التصرف السابق فالمفروض إنه وقع بإذنه فكذا فيما نحن فيه فأن المالك قد أذن له أولا في إبقائه رهنا عند المرتهن إلى هذه المدة لا بمعنى أن الرهانة مغياة بالمدة بل الابقاء عنده مطلق إلى أن يؤدى الدين بل بمعنى أن الاذن في إبقائه رهنا إنما هو إلى هذه المدة بمعنى أن الظاهر من إذنه في جعله رهنا على هذا الدين المؤجل ترخيصه في إبقائه إلى هذه المدة كذلك وأما بالنسبة إلى ما بعد الاجل فلا تعرض في كلامه عليه فليس له الزام الراهن بالفك قبل حلول الأجل لأن الرهن لم يضعه عند المرتهن إلا بإذن المالك على ما هو الفرض فلازمه حجره عن التصرف في ماله في هذه المدة بكلا قسميه المذكورين لا يقال بعد انقضاء المدة أيضا كذلك حيث أنه وضعه تحت يد المرتهن بإذن المالك فليس له إلزامه بالفك لأنا نقول ظهور فعله في عدم رفع اليد عن ماله بالمرة وبقاء علقته في الجملة يقضى بذلك بل ظاهر أذنه ليس إلا جعله رهنا ورده إليه مهما أراده بأن يفكه ويرده إليه هذا في غير المؤجل أو فيه بالنسبة إلى بعد حلول الأجل وأما في أثناء الاجل فلا ظهور في ذلك بل الظاهر خلافه فمقتضى أذنه في التصرف فيما أعاره بالوجه المذكور هو التفصيل الذي ذكرنا وأما وجه العدم فهو أن جواز الرجوع من أحكام العارية فله ذلك مطلقا ولا منافاة بينه وبين لزوم الرهن إذ لا نقول ببطلان الرهن بذلك حتى ينافي لزومه بل نقول بلزوم الفك على الراهن على ما قضية العارية وببيان آخر نقول إن الاستيثاق بملكه فائدة يستوفيها المستعير فله منعه عن ذلك ولم يصدر منه إلا مجرد إذن في الاستفادة بهذا الفائدة وله الرجوع عن إذنه إذ ليس الاذن من العقود اللازمة فكما أن له الزامه بعد حلول الأجل فكذا قبله ويضعف هذا أن استيثاق كل جزء من الزمان ليس على الظاهر فائدة جديدة متقومة بإباحة هذا الزمان حتى يكون له منعه عن الانتفاع بهذه الفائدة في كل جزء من الزمان بل الرهن مثل الإجارة فائدة واحدة قد استوفاها الراهن بأول زمان وضعه رهنا وليس فوائد متجددة حتى يتجه ما ذكره وأما تنظيره بما بعد الاجل فقد عرفت أنه ليس في محله لما ذكرنا من الفرق بي المقامين ثم أنه لا يخفى إنه لو سلمنا إن لمالك الزام الراهن بالفك قبل حلول الأجل في كل مورد لا يتضرر بذلك الراهن ولو
(٢١٥)