عمار (1) دخل على نخاس يعرض قيانا له، فعلق واحدة منهن، فشهر بذكرها حتى مشي إليه عطاء وطاووس ومجاهد يعذولنه، فكان جوابه [من البسيط] يلومني فيك أقوام أجالسهم * فما أبالي أطار اللوم أم وقعا فانتهى خبره إلى عبد الله بن جعفر، فلم يكن له هم غيره، فحج فبعث إلى مولى الجارية، فاشتراها منه بأربعين ألف درهم، وأمر قيمة جواريه أن تزينها وتحليها ففعلت، وبلغ الناس قدومه فدخلوا عليه، فقال: ما لي لا أرى ابن عمار (1) زارنا؟ فأخبر الشيخ، فأتاه مسلما، فلما أراد أن ينهض استجلسه، ثم قال: ما فعل حب فلانة؟ قال: في اللحم والمخ والعصب! قال: أتعرفها لو رأيتها؟ قال (2) نعم، فأمر بها مباركا لك فيها، فلما ولى قال: يا غلام، احمل معه مائة ألف درهم ينعم بها معها، فبكى عبد الرحمن وقال: يا أهل البيت، لقد خصكم الله بشرف ما خص به أحدا قبلكم من صلب آدم، فهنيئا لكم هذه النعمة وبورك لكم فيها، ومن جوده أيضا أنه أعطى امرأة سألته مالا عظيما، فقيل له: إنها لا تعرفك، وكان يرضيها اليسير، قال: إن كان يرضيها اليسير فإني لا أرضى إلا بالكثير، وإن كاتت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي، هذا ما أورده ابن عبد ربه.
وزعم الخطيب التبريزي في شرح الحماسة، وتبعه العيني، أن المخاطب بقوله * إنك يا ابن جعفر * إلى آخر الشعر، هو عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وهذا لا يصلح، فإن الشماخ صحابي وجعفر كان في زمن هارون الرشيد، والصواب أيضا أن يقول: جعفر الصادق بن محمد الباقر.
وقوله " خير فتى " أي الجامع المروءة، وقوله " ونعم مأوى طارق "