شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ١٦٨
أقول: لم ينشد أبو زيد هذا الرجز، لا في نوادره، ولا في كتاب الهمز، ولا نقل عن أيوب، وإنما قال في آخر كتاب الهمز: وسمعت رجلا من بنى كلاب يكنى أبا الاصنع يقول: هذه دأبة، وهذه شأبة، وهي امرأة مأدة، وهذا شأب، ومأد، فيهمز الألف في كل هذه الحروف، وذلك أنه ثقل عليه إسكان حرفين معا وإن كان الأصل الاخر منهما التحريك، كما استثقل بعض العرب في الوقف إسكان الحرفين في قولهم: اضربه، أكرمه، احبسه، قال:
[من الرجز] * قد قلت للسائل قده أعجله * انتهى.
وهذا آخر كتاب الهمز، ويشهد لما قلنا كلام ابن جنى في أكثر تآليفه، قال في شرح تصريف المازني ومنه أخذ الشارح هذا الفصل: إن الألف إذا حركت صارت همزة، كقراءة أيوب السختياني (ولا الضألين) لما حرك الألف لسكونها وسكون اللام الأولى بعدها انقلبت همزة، وحكى أبو العباس عن أبي عثمان عن أبي زيد أنه قال: سمعت عمرو بن عبيد يهمز (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن) فظننته قد لحن إلى أن سمعت العرب يقولون (1) شأبة ودأبة، قال أبو العباس: فقلت لأبي عثمان: أتقيس هذا؟ قال: لا ولا أقبله، وقال الراجز:
* خاطمها زأمها أن تذهبا * وجاء في شعر كثير " احمأرت (2) " يريد احمارت، كما أراد الأول

(1) في نسخة " تقول " (2) قد وردت هذه الكلمة في بيت من الشعر لكثير عزة، وذلك قوله:
وأنت ابن ليلى خير قومك مشهدا * إذا ما احمارت بالعبيط العوامل وكان كثير كثيرا ما يهمز، وذلك نحو قوله أيضا:
نمت لأبي بكر لسان تتابعت * بعارفة منه فخصت وعمت وللأرض أما سودها فتجللت * بياضا، وأما بيضها فادهأمت ومن ذلك قوله أيضا:
تأرض أخفاف المناخة منهم * مكان التي قد بعدت فاز لامت واز لامت: أي ذهبت فمضت، وقيل: ارتفعت في سيرها
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»