لقد أورث المصرين حزنا وذلة * قتيل بدير الجاثليق مقيم * فما قاتلت في الله بكر بن وائل * ولا صبرت (1) عند اللقاء تميم * (دير الجماجم) (2): جمع جمجمة. سمى بوقعة (3) إياد على أعاجم كسرى، بشاطئ الفرات الغربي; قتلت جيشه، فلم يفلت منهم إلا الشريد، وجمعوا جماجمهم، فجعلوها كالكوم، فسمى ذلك المكان دير الجماجم; قاله ابن شبة; زاد الهمداني أن رئيس إياد يومئذ بلال الرماح الأيادي.
وقال أبو الفرج: هو دير بظاهر الكوفة، على طريق البر الذي يسلك إلى البصرة; وفيه كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف، وبين عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث.
وذلك أن ابن الأشعث لما رأى كثرة من معه من الجيش بالبصرة، وقد نازله الحجاج بها، خرج يريد الكوفة، ورأى أن أهلها أطوع له من أهل البصرة، لبغضهم الحجاج، ولأنه يجد بها من عشائره ومواليه أنصارا كثيرة.
فسار إليها، وسايره الحجاج، فنزل ابن الأشعث دير الجماجم، ونزل الحجاج بإزائه بدير قرة، ووقعت الحرب بينهما، ثم انهزم ابن الأشعث، فعاد إلى البصرة.
وقد ذكرت الشعراء، دير الجماجم كثيرا; قال جرير يهجو الفرزدق:
ولم (4) تشهد الجونين والشعب ذا الصفا * وشدات قيس يوم دير الجماجم *