الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٣٦٩
الهاء فيه أنه يقوم مقام جماعة علماء فدخلت الهاء فيه لتأنيث الجماعة التي هي في معناه، ولهذا يقال الله علام ولا يقال له علامة كما يقال إنه يقوم مقام جماعة علماء، فأما قول من قال إن الهاء دخلت في ذلك على معنى الداهية فإن ابن درستويه رده واحتج فيه بأن الداهية لم توضع للمدح خاصة ولكن يقال في الذم والمدح وفي المكروه والمحبوب قال وفي القرآن " والساعة أدهى وأمر " (1) وقال الشاعر:
لكل أخي عيش وإن طال عمره * دويهية تصفر منها الأنامل يعني الموت، ولو كانت الداهية صفة مدح خاصة لكان ما قاله مستقيما وكذلك قوله لحانة شبهوه بالبهيمة غلط لان البهيمة لا تلحن وإنما يلحن من يتكلم، والداهية اسم من أسماء الفاعلين الجارية على الفعل يقال دهى يدهي فهو داه وللأنثى داهية ثم يلحقها التأنيث على ما يراد به للمبالغة فيستوي فيه الذكر والأنثى مثل الرواية ويجوز أن يقال إن الرجل سمي داهية كأنه يقوم مقام جماعة دهاة، وراوية كأنه يقوم مقام جماعة رواة على ما ذكر قبل وهو قول المبرد.
1484 الفرق بين العلة والدلالة: أن كل علة مطردة منعكسة وليس كل دلالة تطرد وتنعكس ألا ترى أن الدلالة على حدث الأجسام هي استحالة خلوها عن الحوادث وليس ذلك بمطرد في كل محدث لان العرض محدث ولا تحله الحوادث، والعلة في كون المتحرك متحركا هي الحركة وهي مطردة في كل متحرك وتنعكس فليس بشئ يحدث فيه حركة إلا وهو متحرك ولا متحرك إلا وفيه حركة.

(١) القمر ٥٤: 46.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست