البحراني * في شرح الحديث المروي عن مولانا أمير المؤمنين: المنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار.
اعلم أن الكاهن يتميز عن المنجم بكون ما يخبر به من الأمور الكائنة إنما هو عن قوة نفسانية له. وظاهر أن ذلك أدعى إلى فساد أذهان الخلق وإغوائهم إلى زيادة اعتقادهم فيه على المنجم.
وأما الساحر فيتميز عن الكاهن بأن له قوة على التأثير في أمر خارج عن بدنه آثارا خارجة عن الشريعة مؤذية للخلق، كالتفريق بين الزوجين ونحوه، وتلك زيادة شر آخر على الكاهن أدعى إلى فساد أذهان الناس وزيادة اعتقادهم [18 / ب] فيه، وانفعالهم (1) عنه خوفا ورغبة.
وأما الكافر فيتميز عن الساحر بالعبد الأكبر عن الله تعالى وعن دينه، وإن شاركه في أصل الانحراف عن سبيل الله. وحينئذ صار الضلال والفساد في الأرض مشتركا بين الأربعة، إلا أنه مقول عليهم بالأشد والأضعف.
فالكاهن أقوى في ذلك من المنجم، والساحر أقوى من الكاهن والكافر أقوى من الساحر، ولذلك التفاوت جعل الكاهن أصلا في التشبيه للمنجم لزيادة فساده عليه، ثم ألحق به. وجعل الساحر أصلا للكاهن والكافر أصلا للساحر، لان التشبيه يستدعي كون المشبه به أقوى في الأصل الذي فيه التشبيه، وأحق به.