الماء فلا مقتضى في تصرف لفظ التراب عن ظاهره وارتكاب التجوز فيه واما ما في الكشف من تنظيره بالامر بغسل الرأس بالسدر والحظى * (ففيه) * انه ان أراد غسله بهما بعد امتزاجهما بالماء مزجا مصححا لحصول الغسل بالممتزج كما في تغسيل الأموات بالسدر والكافور فقد أشرنا إلى أنه غير مراد بالرواية قطعا وان أراد غسله بهما كغسله بالطين والصابون من استعمال ما يستعان به في الإزالة من الصابون والطين السدر ونحوها أولا ثم تنظيفه بالماء على حسب ما يتعارف في استعمال مثل هذه الأشياء * (ففيه) * ان الغسل بالطين مثلا في الفرض اسم لمجموع العمل الذي هو عبارة عن اعمال الطين وازالته مع ما انتقل إليه من الوسخ باستعمال الماء فمتى اطلق الغسل بالطين وأريد به مجموع العمل الذي يتحقق به نظافة المغسول يكون الاطلاق حقيقيا والباء فيه للاستعانة واما لو أريد به خصوص الجزء الأول من المركب الذي هو عبارة عن اعمال الطين فقط كما لعله المتبادر من قول القائل اغسل رأسك بالطين أولا ثم بالماء يكون الاستعمال مجازيا والعلاقة المصحة للاستعمال اما كونه الجزء المقوم للمجموع المركب المسمى بالغسل بالطين أو بلحاظ إرادة التنظيف من الغسل وتجريده عن الخصوصية المعتبرة فيه فمعناه نظفه بالطين أولا ثم بالماء وكلاهما من أقرب المجازات واعتبار مزج الطين أو السدر ونحوه بمقدار قليل من الماء الموجب لتلطخ الرأس به حين الاستعمال وان كان بحسب الظاهر من مقومات جزئيته للمركب الذي يصدق عليه الغسل بالطين أو السدر لكنه ليس من مقومات إرادة المعنى المجازى بناء على تجريد الغسل من الخصوصية بل هو من شرائط استعماله بحسب المتعارف ولا يتبادر من قوله (ع) في الصحيحة اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء الا إرادة غسلة واحدة بالماء بعد تعفيره لا غسلتين أحدهما بالماء القراح والاخر بالماء الذي يتحقق في ضمنه التعفير فتسمية التعفير غسلا مبنية على تجريده عن الخصوصية وإرادة التنظيف منه * (فح) * لا مقتضى لصرف لفظ التراب عن ظاهره وحمله على إرادة الممتزج الذي يخرج بالمزج من مسماه بل مقتضى اصالة الحقيقة في لفظ التراب اعتبار عدم خروجه بالمزج من مسماه كما اعتبره الشهيد الثاني وغيره وما قد يتوهم من أن إرادة التنظيف بالتراب الممتزج بالماء لا مطلقة أقرب من حيث الاعتبار بالنظر إلى تسميته غسلا ففيه بعد التسليم ان هذا لا يصلح قرنية لحمل لفظ التراب على إرادة الممتزج الذي لا يصدق عليه اسم التراب فما نسب إلى المشهور من عدم اعتبار المزج لا يخلو من قوة وان كان الأحوط ان لم يكن أقوى الجمع بين استعمال مسمى التراب واستعمال الممتزج وازالته بالماء على نحو غسل الرأس بطين البصرة ونحوه فان إرادة هذا المعنى من الامر بغسله بالتراب غير بعبدة وان كان الأسبق إلى الذهن المعنى الأول أعني خصوص التعفير والله العالم * (الرابع) * هل يعتبر في الغسلة الأولى استعمال خصوص التراب أم يجتزى بغيره مما يشبهه في قالعية النجاسة والاجزاء اللعابية كالأشنان والسدر ونحوهما وجهان بل قولان نسب أولهما إلى المشهور وهو الأشبه وقوفا في الحكم التعبدي التوقيفي على مورد النص وحكى عن ابن الجنيد الاجتزاء وعن بعض الأصحاب موافقته عند الضرورة وربما حكى عنه أيضا القول بذلك في حال الضرورة واستدل له بمساواة غير التراب للتراب في قالعية النجاسة بل أولوية بعضه منه وفيه مع اقتضائه الاجتزاء به في غير حال الضرورة أيضا ما أشرنا إليه مرارا من عدم وضوح مناط الحكم بل غلبة الظن بعدم كون المناط إزالة اجزاء حسية تتوقف ازالتها على التعفير فهو حكم تعبدي توقيفي لا يجوز التخطي عن مورده فلعل لخصوصية التراب الذي جعله الله أحد الطهورين دخلا في ذلك والله العالم * (الخامس) * لو تعذر التراب وما قام مقامه على القول به قيل يجتزى بغسله بالماء وضعفه ظاهر فان مقتضى الدليل الدال على اعتباره كون الغسل بالتراب كالغسل بالماء شرطا في طهارة الإناء مطلقا فتعذره ليس الا كتعذر الماء * (نعم) * قد يتجه ذلك بناء على ما زعمه غير واحد من المتأخرين من التفصيل بين الشرائط الثابتة للتكاليف بصيغة الامر أو بجملة خبرية ونحوها بتخصيص الأولى بحال القدرة نظرا إلى عدم تنجز التكليف بالشرط الا معها فان مقتضاه الاخذ باطلاقات الغسل وعدم الالتزام بتقييدها بالتعفير الا مع القدرة فان عمدة مستنده صحيحة الفضل التي وقع فيها التعبير بصيغة الامر أو الاجماع القاصر عن شمول مورد الخلاف لكنك عرفت مرارا ضعف المبنى فالمتجه ما عرفت * (السادس) * لو تعذر التعفير لعدم قابلية الإناء اما لضيق فمه أو لرقته وكونه مما يفسده التعفير أو غير ذلك قيل يجتزى في تطهيره بالغسل بالماء والا للزم تعطيل الإناء وهو ضرر ومشقة فيفيه أدلة نفى الحرج والضرر وفيه النقض بما لو تعذر غسله بالماء فإنه لا يقول أحد بصيرورته طاهرا بدونه وربما يوجه هذا القول بقصور ما دل على اعتبار التعفير عن شمول مثل الفرض فان المتبادر من مثل قوله (ع) اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء ليس الا ارادته بالنسبة إلى ما أمكن فيه ذلك كما هو الغالب فيما يتحقق فيه الولوغ فالأواني التي ليس من شأنها ذلك خارجة من مورد الرواية ودعوى ان مثل هذه الأوامر مسوقة لبيان الاشتراط فلا تختص موردها بصورة التمكن من تحصيل الشرط فهي بمنزلة الاخبار عن أن طهارة الإناء المتنجس بالولوغ مشروطة بالتعفير سواء أمكن فيها تحصيل الشرط أم لا غير مجدية بالنسبة إلى المصاديق الخارجة من منصرف الرواية فحال مثل هذه الأواني حال سائر الأشياء
(٦٦٠)