مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٦٦
تتصف بالحسن والقبح بعناوينها الاختيارية فلا فرق من حيث الحسن والقبح بين الصلاة الواقعة في الدار المغصوبة غفلة والواقعة في غيرها فمناط الطلب في الصورة الأولى أيضا موجود بحيث لو أمكن الامر بها الامر بها لكنه غير ممكن فلا منافاة بين حرمة الشئ واقعا واتصافه بالحسن فعلا ووقوعه عبادة ومسقطا للامر المتعلق بالطبيعة إذا تحقق في الخارج بعنوانه الراجح الواقع في حين الطلب أي كونه مصداقا للطبيعة المأمور بها قربة إلى الله تعالى ولا يتوقف ذلك على كونه مأمورا به بالفعل لما عرفت في نية الوضوء من أن القربة المصححة للعبادة ليست الا كون العمل لله تعالى لا لساير الاغراض النفسانية وهذا المعنى محقق في جميع الموارد التي حكمنا بصحة العبادة * (ولا) * ينافيه ما ينويه الغافل عن قبحه من قصد امتثال الامر المتعلق به مع أنه لم يتعلق به بخصوصه امر في الواقع لان انتفاء الامر الواقعي لا يخرج العمل الواقع لله تعالى من كونه كذلك غاية الأمر انه زعم أن الله قد امره بذلك فأوجده لله بهذا الداعي ولم يكن الامر كما زعم ولا صيرفية كما تقدم تحقيقه وتنقيحه في مبحث النية وبما ذكر يتضح لك الوجه في صحة الغسل فيما نحن فيه مطلقا بناء على الوجه الأخير لو أوجده الاحتمال وجوبه لأجل احتمال المماثلة فإنه وان لم ينو الا امتثال الامر المحتمل لكن احتمال كونه واجبا من قبل الله تعالى اثر في ايجاده فأوجده لله لا لساير الاغراض ولذا نقول باستحقاق ثواب الانقياد على تقدير عدم مصادفة الاحتمال ومقتضاه صحة العمل مطلقا إذا كان من قبيل ما هو المفروض فيما نحن فيه لكن الأحوط في المقام بل في كل مورد حكمنا فيه بالتخيير بين فعل عبادة وتركها لدوران الامر فيها بين المحذورين ونحوه إذا كان احتمال الحرمة فيه مسببا عن احتمال جهة عارضية مقبحة كغصبية ماء الغسل ان ينوى بفعله ايجاد الطبيعة الراجحة شرعا التي تعلق بها الطلب الشرعي من دون ان يجعل وجوبها غاية للفعل ولو على سبيل الاحتمال كي يتأمل في صحته على تقدير عدم المصادفة وان كان الأقوى صحته كما عرفت ولا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه في توجيه الوجه الأخير انه لا يخلو عن قوة لكن ما تقدمه أحوط والله العالم * (واعلم) * ان المشهور بين الأصحاب كما صرح به غير واحد منهم ان كل مظهر للشهادتين ولم يعلم منه عدم الاذعان بشئ منهما وان لم يكن معتقدا للحق الذي يعتقده أهل الحق يجوز تغسيله بل يجب كفاية عدا الخوارج والغلاة والنواصب وغيرهم من الفرق المحكوم بكفرهم ولو بانكار شئ من ضروريات الدين فإنه لا يجب [ح] تغسيلهم بل لا يجوز فان الكافر لا يغسل اجماعا كما صرح به غير واحد للأصل مع ظهور الأدلة في غيره وقول الصادق (ع) في خبر عمار النصراني يموت مع المسلمين لا تغسله ولا كرامة ولا تدفنه ولا تقم على قبره وان كان ابا وغيره من الأخبار الدالة على أن الوجه في غسل الميت تنظيفه وجعله أقرب إلى رحمة الله وأليق بشفاعة الملائكة وانه تطهير للميت عن الجنابة الحادثة له عند الموت إلى غير ذلك مما يفهم منه عدم استحقاق الكافر للغسل مطلقا فلا اشكال في ذلك أصلا كما أنه لا اشكال في وجوب تغسيل كل مؤمن معتقد الإمامة الأئمة الاثني عشر (ع) وانما الاشكال فيما هو المشهور بين الأصحاب بل عن غير واحد دعوى اجماعهم عليه من وجوب تغسيل كل مظهر للشهادتين من ساير فرق المسلمين مع أن مقتضى الأدلة السابقة ليس الا وجوب تغسيل المسلم المعتقد للإمامة لا مطلقا كما لا يخفى على المتأمل * (واستدل) * له بما في بعض النصوص من العموم والاطلاق مثل قوله (ع) اغسل كل الموتى الغريق واكيل السبع وكل شئ الا ما قتل بين الصفين الحديث وقوله (ع) غسل الميت واجب مضافا إلى عموم أدلة وجوب الصلاة على كل مسلم كقوله (ع) صل على كل من مات من أهل القبلة وحسابه على الله بضميمة عدم القول بالفصل واشتراط مشروعية الصلاة على تقدم الغسل وفي الجميع مالا يخفى فان اطلاقات النصوص مسوقة لبيان حكم آخر خصوصا الرواية الثانية فإنهما مهملة واما الرواية الأولى وان اشتملت على عموم لغوي الا ان عمومها انما هو بالنسبة إلى أنواع الموتى كما يشهد لذلك تفصيل بعض افراده كالغريق وما بعده ثم استثناء الشهيد منها ولذا لا ترى تنافيا بينها وبين ما دل على عدم تغسيل الكفار لان الكفر والاسلام وكونه مخالفا انما هو من أحوال الفرد لا من افراد هذا العام * (واما) * الرواية الواردة في باب الصلاة فبعد تسليم سندها لا يفهم منها الا مشروعيتها لورود الامر فيها في مقام توهم الخطر فلا يفهم منها الوجوب وكيف كان فلا يمكن اثبات الوجوب بمثل هذه للأدلة واليه أشار المحقق الأردبيلي فيما حكى عنه في مجمع البرهان حيث قال واما وجوب غسل كل مسلم فلعل دليله الاجماع وقد صرح فيما حكى عنه بان الظاهر أنه لا نزاع فيه لاحد من المسلمين * (أقول) * ولا يبعد ان يكون كذلك فان الخلاف في تغسيل المخالف وان نسب إلى جماعة من القدماء والمتأخرين لكن الظاهر أن ذلك منهم عدا بعض متأخري المتأخرين انما هو لبنائهم على كفر المخالف وكيف كان فان تم الاجماع فهو والا فالمسألة في غاية الاشكال خصوصا بملاحظة ما صرحوا به بل نسبه المحقق الثاني في حاشية الشرايع على ما حكى عنه إلى ظاهر الأصحاب من أن الواجب انما هو تغسيلهم غسل أهل الخلاف فان مقتضاه ان لا يكون مستندهم فيه اطلاقات أدلة الغسل إذ لا يمكن استفادة وجوب غسل باطل من تلك الأدلة فان المراد بها ليس الا الغسل الصحيح ولذا استدل شيخنا المرتضى [قده] عليه بالاجماع وقال لو سلمنا عدم ثبوت الاجماع على الكلية كفى في المسألة ما دل على أنه يجب المعاملة مع المخالف معاملة المسلمين المؤمنين في الأمور المتعلقة بالمعاشرة التي من أهمها ان لا يعامل مع موتاهم معاملة الكلاب وهذا واضح لمن لاحظ تلك الروايات انتهى * (أقول) * استفادة وجوب تغسيل موتاهم أو الصلاة عليها أو نحوهما في الفروض التي لا مدخلية لها بأمور
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»