وأما قوله: لها ظهر وبطن، فإن الناس قد اختلفوا في تأويله، يروى عن الحسن أنه سئل عن ذلك فقال: إن العرب يقول: قد قلبت أمري ظهرا لبطن. وقال غيره: الظهر لفظ القرآن والبطن تأويله. وفيه قول ثالث وهو عندي أشبه الأقاويل بالصواب وذلك أن الله عز وجل قد قص عليك من نبأ عاد وثمود وغيرهما من القرون الظالمة لأنفسها، فأخبر بذنوبهم وما عاقبهم بها، فهذا هو الظهر، إنما هو حديث حدثك به عن قوم فهو في الظاهر خبر، وأما الباطن منه فكأنه صير ذلك الخبر عظة لك وتنبيها وتحذيرا أن تفعل فعلهم فيحل بك ما حل بهم من عقوبته، ألا ترى أنه لما أخبرك عن قوم لوط وفعلهم وما أنزل بهم أن ذلك مما يبين ذلك أن من صنع ذلك عوقب بمثل عقوبتهم وهذا كرجل قال لك: إن السلطان أتى بقوم قتلوا فقتلهم، وآخرين سرقوا فقطعهم، وشربوا الخمر فجلدهم فهذا الظاهر إنما هو حديث حدثك به، والباطن أنه قد وعظك بذلك وأخبرك أنه يفعل ذلك بمن أذنب تلك الذنوب، فهذا هو البطن على
(١٣)