بين مقصر لأموره في كتابه إلا أطرافا وسواقط من الحديث ثم لا يوفيها حقها من إشباع التفسير، وإيضاح المعنى وبين مطيل يسرد الأحاديث المشهورة التي لا يكاد يشكل منها شئ ثم يتكلف تفسيرها ويطنب فيها وفى بعض هذه الكتب خلل من جهة التفسير وفي بعضها أحاديث منكرة لا تدخل في شرط ما أنشئت له هذه الكتب... ولابن الأنباري من وراء هذه الكتب مذهب حسن في تخريج الحديث وتفسيره، وقد تكلم على أحاديث معدودة وقع إلى بعضها وعامتها مفسرة قبل إلا أنه قد زاد عليها وأفاد وله استدراكات على ابن قتيبة في مواضع من الحديث ".
وقال الخطابي أيضا " وكان أول من سبق إليه ودل من بعده عليه أبو عبيد القاسم بن سلام فإنه قد انتظم بتصنيفه عامة ما يحتاج إلى تفسيره من مشاهير غريب الحديث وصار كتابه إماما لأهل الحديث به يتذاكرون وإليه يتحاكمون، ثم انتهج نهجه أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة فتتبع ما أغفله أبو عبيد من ذلك وألف فيه كتاب لم يأب أن يبلغ به شأو المبرز الشائق، وبقيت بعدهما صبابة للقول ".
وفى هذين القولين للخطابي كفاية لتعيين مقام أبى عبيد وكتابه في آداب غريب الحديث لان القاسم بن سلام لم يكن إماما لأهل الحديث عند معاصريه فحسب، بل كان أيضا أول من سبق إلى تصنيف غريب الحديث بمقدرة تامة في بيان اللفظ وصحة المعنى وجودة الاستنباط وكثرة الفقه ومما لا شك فيه أن تأليف أبى عبيد يجمع غرائب الحديث مع نوادر المسائل الفقهية المفيدة، ولكونه محتويا على كثير من غرائب الحديث