الظفر ويخنق كل عدو وينصر كل ولي، فلا يبقى على وجه الأرض جبار قاصد ولا جاحد فاجر غادر غامض ولا شأن مبغض ولا معاند كاشح (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا) (1).
ثم قال (ع): يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلا عن أهل التصديق والاخوة الصادقة في الدين، وإذا بدت لك تلك الامارات والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا، وبأهل المنازعة إلى منار اليقين وضياء مصابيح الدين.
قال إبراهيم بن مهزيار (رض): فمكثت عنده حينا أقتبس ما يروي من موضحات الاعلام ونيرات الاحكام، وأروي نبات الصدور من نضارة ما ذخره الله في طبعائه من لطائف الحكمة وطرائف فواضل القسمة، حتى خفت إضاعة مخلفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم، فاستأذنته في القفول وأعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحش لفرقته والتجرع للظعن عن مجالسته، فأذن لي، وأردفني بصالح دعائه ما يكون عند الله ذخرا لي ولعقبي ولقرابتي إن شاء الله تعالى.
فلما أزف ارتحالي وتهيأ اعتزام سفري، غدوت عليه مودعا مجددا للعهد، وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، وسألته أن يتفضل بقبوله مني، فتبسم (ع) وقال: يا أبا إسحاق استعن بها على مصرفك فإن الشيعة مدنفة وفلوات الأرض أمامك جمة، ولا تحزن لاعراضنا عنه فإنا قد أحدثنا لك شكره ونشره وربطناه عندنا بالتذكرة وقبول المنة، وبارك الله لك فيما حولك وأدام لك ما هو لك وكتب لك ثواب المحسنين وأكرم آثار الطائعين، فإن الفضل له ومنه، واسأل الله تعالى لأصحابك بأوفر الحظ وسلامة الأربة وأكناف الغبطة بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلا ولا حير لك دليلا، واستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنه ولطفه إن شاء الله تعالى، يا أبا إسحاق