مضى ثلاثة عشر قرنا من حياة التاريخ الإسلامي كان (أنصاف العلماء) خلالها يصدرون أحكامهم على الشيعة مشبوبة بعواطفهم وأهوائهم وكان هذا النهج السقيم سببا في إحداث هذه الفجوة الواسعة بين الفرق الإسلامية ومن ثم خسر العلم الشئ الكثير من معارف أعلام هذه الفرق كما خسر الكثير من فرائد آرائهم، وثمار قرائحهم وكانت خسارة العلم أعظم فيما يمس الشيعة و التشيع بسبب ما رماهم به مبغضوهم من نحل وترهات، وخرافات، هم في الحقيقة براء منها ولو أن هؤلاء (الأنصاف) ترفعوا بأنفسهم عن التعصب وطبقوا - وهم يكتبون عنهم، أو يأخذون منهم - مناهج البحث العلمي الصحيح، وآثروا حكم العقل على حكم القلب، وقدموا الرأي على الهوى لجاءنا علم كثير عن الشيعة ولا انتفعنا بالكثير من تراث هذا المذهب.
إن الباحث المنصف للحقائق العلمية يأخذ عن مذهب الشيعة بقدر ما يأخذ عن غيرها من المذاهب الإسلامية الأخرى وهو مضطر - إن كان منصفا - إلى دراسة فقه الشيعة حين يدرس المذاهب الفقهية الأربعة عند أهل السنة ناهيك أن الإمام جعفر الصادق المتوفى سنة 148 ه - وهو رافع لواء الفقه الشيعي - كان أستاذا للإمامين السنيين: أبي حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة 150 ه، وأبي عبد الله مالك بن أنس المتوفى سنة 179 ه وفي ذلك