قلت: فإنهما عدلان مرضيان، عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه؟
قال (عليه السلام): ينظر الآن إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الحكم الذي حكما، المجمع عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب به، وإنما الأمور ثلاث: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عز وجل وإلى رسوله، حلال بين، وحرام بين، وشبهات تتردد بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.
قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقاة عنكم؟
قال (عليه السلام): ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.
قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة، ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق العامة، والآخر يخالف، بأيهما نأخذ من الخبرين؟
قال (عليه السلام): ينظر إلى ما هم إليه يميلون، فإن ما خالف العامة ففيه الرشاد.
قلت: جعلت فداك! فإن وافقهم الخبران جميعا؟
قال (عليه السلام): أنظروا إلى ما تميل إليه حكامهم وقضاتهم، فاتركوا جانبا وخذوا بغيره.
قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟
قال (عليه السلام): إذا كان كذلك فأرجه وقف عنده، حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، والله هو المرشد.
جاء هذا الخبر على سبيل التقدير، لأنه قلما يتفق في الأثر أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام، موافقين للكتاب والسنة، وذلك مثل غسل الوجه