ولكن يفتون الشيعة بمر الحق، وربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية، والتقية رحمة للشيعة، ويؤيد تأويله (رضي الله عنه) أخبار كثيرة.
منها: ما رواه محمد بن سنان، عن نصر الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: من عرف من أمرنا: أن لا نقول إلا حقا، فليكتف بما يعلم منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم، فليعلم أن ذلك منا دفاع واختيار له.
* * * وعن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحل ذلك؟
قال (عليه السلام): من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهي عنه، وما حكم له به فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت، ومن أمر الله عز وجل أن يكفر به، قال الله عز وجل: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به).
قلت: فكيف يصنعان وقد اختلفا؟
قال (عليه السلام): ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضيا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكم ولم يقبله منه، فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا كافر وراد على الله، وهو على حد من الشرك بالله.
قلت: فإن كان كل واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فيما حكما، فإن الحكمين اختلفا في حديثكم؟
قال (عليه السلام): إن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر.