موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٥٢٠
الوصية السادسة - لعنوان البصري:
وعنوان هو شيخ بصري قدم المدينة لطلب العلم، اتصل بمالك بن أنس ثم اتصل بالإمام الصادق (عليه السلام)، فقال له الإمام: إذا أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية.
قال عنوان البصري: فقلت: ما حقيقة العبودية؟
فقال الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا؛ لأن العبيد لا يكون لهم ملك، بل يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا، وجملة اشتغاله هي فيما أمره الله به ونهاه عنه.
وإذا لم ير العبد فيما خوله الله ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره الله، وإذا فرض تدبير نفسه إلى مدبره هانت عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل بما أمره الله به ونهاه عنه لا يتفرغ إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاث هانت عليه الدنيا، فلا يطلبها تفاخرا وتكاثرا، ولا يطلب عند الناس عزا وعلوا، ولا يدع أيامه باطلة، فهذا أول درجة المتقين، قال الله تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين).
فقال عنوان: يا أبا عبد الله، أوصني. فقال (عليه السلام):
أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله، والله أسأل أن يوفقك لاستعمالها: ثلاثة منها في رياضة النفس، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها وإياك والتهاون بها.
أما اللواتي في الرياضة: فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه؛ فإنه يورث الحمق والبله، ولا تأكل إلا عند الجوع، فإذا أكلت فكل حلالا وسم الله تعالى، واذكر
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»