وقال في حديث آخر: " رحم الله زرارة (1)، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي ". وقال الرضا (عليه السلام): " أترى أن أحدا أصدع بحق من زرارة "، إلى أمثال هذه الأحاديث، وفيها ما يغنيك عن قول كل فصيح يريد أن يترجم لزرارة معربا عما له من فضل وعلم ومقام لدى أهل البيت (عليهم السلام).
وقال النجاشي: شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم، وكان قارئا فقيها متكلما شاعرا أديبا، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين.
وقال أبو غالب الزراري كما حكي عنه: روي أن زرارة كان وسيما جسيما أبيضا، فكان يخرج إلى الجمعة وعلى رأسه برنس أسود وبين عينيه سجادة وفي يده عصا فيقوم الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته فربما رجع من طريقه وكان خصما جدلا لا يقوم أحد بحجته صاحب إلزام وحجة قاطعة إلا أن العبادة أشغلته عن الكلام، والمتكلمون من الشيعة تلاميذه.
فزرارة قد جمع الفضل كله، ولكن شهرته في الفقه غلبت على فضائله الأخر، ومن غاص في بحر الفقه عرف ما لهذا الرجل من حديث، حتى لتكاد لا تجد بابا من أبواب الفقه إلا وله فيه حديث أو أحاديث، وهو أحد الستة الأول أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، والإقرار لهم بالفقه، ولا غرو لو عد زرارة أفقههم.
وكان زرارة معروفا بالعلم والفضيلة والقرب من أهل البيت، وهذا أكبر جرم عند أعدائهم، فما زال في خطر من جراء ذلك، فكان الإمام ينال منه أحيانا ليدفع بذلك عنه الخطر، ومن ثم جاءت أحاديث تطعن فيه، وقد كشف عن سبب