لا محالة واقعة * وحبب الله إليه الخلوة * فلم يكن شئ أحب إليه من أن يخلو وحده * فكان يجاور من كل سنة شهرا في حراء * مشتغلا بالعبادة والتفكر في ملكوت الأرض والسماء * وكان إذا خرج إلى حراء تتكفل خديجة بكل حاجاته * وتحقق له كافة رغباته * وتهئ له الطعام والشراب * وتيسر له ما تستطيع من الأسباب * فينقطع لمقصوده * ويقبل على معبوده * وهو مرتاح البال * من كل المتعلقات والأشغال * فإذا طالت غيبته عليها * تركت كل ما لديها * وخرجت تتلمسه في مكانه الذي تعود الذهاب إليه * وقلبها يخفق من شدة خوفها عليه * حتى إذا رأته مستغرقا في وحدته * منجمعا على فكرته * رجعت ولم تكلمه لئلا تقطعه عن خلوته * وتبقى منتظرة موعد عودته * لتعمل جاهدة على إزالة وحشته * وادخال السرور إلى قلبه * والسعادة إلى نفسه.
(٢٠)