من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٥
خلق الطفل وتكييف صفاته، فلا نشك في أن أبوي الحسين (عليهم السلام) كانا من أرفع الآباء خلقا، وأكرمهم نسبا. وإن تربيتهما كانت أحسن تربية وأشرفها وأقدرها على إنماء الأخلاق الفاضلة، والسجايا الحميدة في نفس الإنسان.
وهل نشك في ربيب الرسول ذاته، وربيب من رباهما الرسول فاطمة وعلى (عليهم جميعا صلوات الله وتحياته)؟
أفلا نرضى من الله العزيز كلمته العظيمة في القرآن حيث يقول:
* (مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فبأي آلاء ربكما تكذبان * يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * (1).
فالبحران هما بحر النبوة ومنبعه فاطمة (عليها السلام) عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، وبحر الوصاية من قبل علي (عليه السلام). فلابد لهذين البحرين - إذا التقيا - أن يخرج منهما اللؤلؤ الحسن، والمرجان الحسين (عليهما السلام).
هذه هي الوراثة.. إنها أقدس وأرفع مما يتصور.. ولا تسأل عن التربية، فلقد كانت أنصع وأروع من كل تربية، كان شخص الرسول (صلى الله عليه وآله) يهتم بالحسين (عليه السلام) وتربيته بصورة مباشرة. (2) إن الحسين (عليه السلام) إعداد نبوي هادف ولغاية طويلة الأمد بطول عمر الحياة على هذه الأرض، وقد رعاه النبي (صلى الله عليه وآله) برعايته الخاصة ولم يقل فيه عبثا وجزافا " حسين مني وأنا من حسين ".
يقول ابن عباس: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي (عليهما السلام)، تارة يقبل هذا، وتارة يقبل هذا، إذ هبط عليه جبرئيل (عليه السلام) بوحي من رب العالمين، فلما سرى عنه - يعني عرج جبرئيل إلى السماء - قال (صلى الله عليه وآله):
" أتاني جبريل من ربي، فقال لي: يا محمد! إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك:
لست أجمعهما لك، فافد أحدهما بصاحبه.
فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) فبكى، ونظر إلى الحسين (عليه السلام) فبكى، ثم قال: إن إبراهيم (عليه السلام) أمه أمة،

1 - سورة الرحمن: الآية 19 - 22.
2 - اقتباس من كتاب النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليه السلام) / آية الله السيد محمد تقي المدرسي.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 11 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»