رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتوقف كثيرا في دلالة الحديث.
ولو أن بعض هذا الإعلان والإشهار كان صادرا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غير هذا الأمر الذي اختلف فيه المسلمون أشد الاختلاف، ودخل فيه العامل السياسي فعمق الخلاف......
أقول: لو كان بعض هذا الإعلان والإشهار صادرا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غير هذا الأمر لما اختلف فيه أحد من المسلمين.
فليس من المعقول ولا من المألوف أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجماهير المسلمين الذين يربو عددهم على مائة ألف في ذلك الهجير الصائف من طريق عودة الحجيج إلى بلادهم، ويأخذ بيد علي عليه السلام أمام هذا الحشد الكبير حتى يتبين آباطهما، ويشهر ولايته عليه السلام عليهم كولايته صلى الله عليه وآله وسلم عليهم، إعلانا، وإشهارا، ويأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب... ثم يتزاحم المسلمون على علي عليه السلام ليهنئوه بالولاية... ثم لا يكون لذلك دلالة على (الوصية)، ولا يزيد هذا الأمر كله على التذكير بفضائل علي عليه السلام، ورد الاعتبار إلى الإمام علي عليه السلام عن شكوى أسر به بعض الأصحاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جفوة كانت بينه وبين علي عليه السلام في طريق عودتهم من اليمن... كما يقول الحافظ أبو الفداء بن كثير في البداية والنهاية (5 / 227 حوادث سنة 10 هجري).
يقول أبو الفداء:
فصل في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال له غدير خم - فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن.
ولا أعتقد أن الحافظ أبا الفداء بن كثير كان يرتضي لنفسه مثل هذا التسطيح