وقد حداني إلى تأليف هذه الرسالة، ظن كثير من المسلمين وغيرهم من أن اختلاف المسلمين من الشيعة والسنة في بعض الفروع الفقهية، يعود إلى اختلافهم في مبانيهم ومصادرهم الأصلية فلا يمكن ارجاعهم إلى رأى واحد.
وهذا ظن سوء وتوهم باطل، نشأ من قلة الاطلاع. فإنه لا اختلاف بين المسلمين كما تقرأ في هذا الكتاب في حجية الكتاب والسنة ووجوب اتباعهما، وان ما يقوم عليهما هو الصحيح الذي يجب الاخذ به والتعبد فيه.
واختلاف الفقهاء انما نشأ من اختلاف الأذواق والأفهام في درك بعض المعاني من الألفاظ، ومن عدم العثور على الدليل أو قلة التتبع، واكتفاء كل طائفة بكتبها وترك الرجوع إلى مصادر غيرها وعدم كونها في مكتباتها، ومن أن الساسة حملوا الناس على ما يوافق سياستهم وسيرتهم ويؤيد حكومتهم، ومنعوهم عن اخذ العلم من العلماء الذين لم يصوبوا أعمالهم ومظالمهم واستبدادهم، واحيائهم رسوم القياصرة والأكاسرة، واتخاذهم مال الله دولا وعباد الله خولا.
وانى أقدم هذه الرسالة إلى كل من يريد توحيد كلمة المسلمين، ويقوم بمهمة الاصلاح بينهم، ودعوة الجميع إلى الاتحاد والاعتصام بحبل الله تعالى.
ولم اكتب ما كتبته الا لأني على رجا كبير وأمل أكيد بجيلنا المسلم المعاصر سيما الشباب، والعلماء المجاهدين المصلحين العاملين لاعلاء كلمة الله، والمفكرين الذين يقدسون حرية الفكر ويريدون القضا على كل ما أوجب البغضاء والشحناء مما نسجته أيدي السياسة طوال القرون والأعصار.
قال الله تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين).
وقال عز من قائل: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين