صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٤
الألباب ممن تعمق.
لان الحسن عليه السلام، أعطي من البطولة دور الصابر على احتمال المكاره في صورة مستكين قاعد.
وكانت شهادة " الطف " حسنية أولا، وحسينية ثانيا، لان الحسن أنضج نتائجها، ومهد أسبابها.
كان نصر الحسن الدامي موقوفا على جلو الحقيقة التي جلاها - لأخيه الحسين - بصبره وحكمته، وبجلوها انتصر الحسين نصره العزيز وفتح الله له فتحه المبين.
وكانا عليهما السلام كأنهما متفقان على تصميم الخطة: أن يكون للحسن منها دور الصابر الحكيم، وللحسين دور الثائر الكريم، لتتألف من الدورين خطة كاملة ذات غرض واحد.
وقد وقف الناس - بعد حادثتي ساباط والطف - يمعنون في الاحداث فيرون في هؤلاء الأمويين عصبة جاهلية منكرة، بحيث لو مثلت العصبيات الجلفة النذلة الظلوم لم تكن غيرهم، بل تكون دونهم في الخطر على الاسلام وأهله.
رأى الناس من هؤلاء الأمويين، قردة تنزو على منبر رسول الله، تكشر للأمة عن أنياب غول، وتصافحها بأيد تمتد بمخالب ذئب، في نفوس تدب بروح عقرب.
رأوا فيهم هذه الصورة منسجمة شائعة متوارثة، لم تخفف من شرها التربية الاسلامية، ولم تطامن من لؤمها المكارم المحمدية. فمضغ الأكباد يوم هند وحمزة، يرتقي به الحقد الأموي الأثيم، حتى يكون تنكيلا بربريا يوم الطف، لا يكتفي بقتل الحسين، حتى يوطئ الخيل صدره وظهره. ثم لا يكتفي بذلك، حتى يترك عاريا بالعراء، لوحوش الأرض وطير السماء، ويحمل رأسه ورؤوس الشهداء من آله وصحبه على أطراف الأسنة إلى الشام. ثم لا يكتفي بهذا كله، حتى يوقف حرائر الوحي من بنات رسول الله على درج السبي!!!...
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»