وهذا ما أطغى معاوية، وأرهف عزمه على تنفيذ خططه " الأموية ". وقد وقف الحسن والحسين من دهائه ومكره إزاء خطر فظيع، يهدد الاسلام باسم الاسلام، ويطغى على نور الحق باسم الحق، فكانا في دفع هذا الخطر، أمام أمرين لا ثالث لهما: اما المقاومة، واما المسالمة. وقد رأيا أن المقاومة في دور الحسن تؤدي لا محالة إلى فناء هذا الصف المدافع عن الدين وأهله، والهادي إلى الله عز وجل، والى صراطه المستقيم. إذ لو غامر الحسن يومئذ بنفسه وبالهاشميين وأوليائهم، فواجه بهم القوة التي لا قبل لهم بها (1) مصمما على التضحية، تصميم أخيه يوم " الطف " لانكشفت المعركة عن قتلهم جميعا، ولانتصرت " الأموية " بذلك نصرا تعجز عنه إمكانياتها، ولا تنحسر عن مثله أحلامها وأمنياتها. إذ يخلو بعدهم لها الميدان، تمعن في تيهها كل امعان، وبهذا يكون الحسن - وحاشاه - قد وقع فيما فر منه على أقبح الوجوه، ولا يكون لتضحيته أثر لدى الرأي العام الا التنديد والتفنيد (2).
(١٠)