حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ١١
ولو ترك الناس بغير اقرار بالله عز وجل ولا معرفته لم يثبت أمر بصلاح ولا نهي عن فساد إذ لا آمر ولا ناهي ومنها إنا وجدنا الخلق قد يفسدون بأمور باطنة مستورة فلولا الاقرار بالله وخشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته وارادته يراقب أحدا في ترك المعصية وانتهاك حرمة وارتكاب كبيرة إذا كان فعله مستورا عن الخلق غير مراقب لاحد فكان يكون في ذلك خلاف الخلق أجمعين فلم يكن قوام الخلق وصلاحهم إلا بالاقرار منهم بعليم خبير يعلم السر وأخفى آمر بالصلاح ناه عن الفساد لا تخفى عليه خافية ليكون في ذلك انزجار لهم عما يخلون به من أنواع الفساد (1).
ان أوثق عملية لاستئصال الجريمة واقصائها عن الفرد والمجتمع وتطهير الأرض من الذنوب والآثام هو غرس الايمان بالله تعالى في أعماق النفوس ودخائل القلوب والاعتقاد بأنه تعالى بالمرصاد لكل من يقترف جريمة وإثما في حق نفسه ومجتمعه وأنه سيعاقبه بأقسى ألوان العقاب عليها.
ومن الطبيعي ان الانسان بمقتضى حبه لذاته، وسعيه لطلب الخير له، سوف يمتنع من اقتراف أي ذنب يؤدي إلى هلاكه وشقائه.
لقد ازدادت الجرائم في هذه العصور وازدادت العمليات الارهابية كقتل الأبرياء واختطاف الطائرات وما شابه ذلك من الجرائم والموبقات وذلك مسبب عن ضعف الايمان بالله وقلة الوازع الديني في النفوس.
إن الايمان بالله تعالى تبتنى عليه قوى الخير والسلام في الأرض وانه أوثق طريق لإشاعة العدل والامن والرخاء بين الناس وبقلة الايمان وانعدامه ستزداد محنة الانسان وشقاؤه وبلاؤه.
ب - بالاقرار لله بالوحدانية:
قال (عليه السلام): فان قال قائل: فلم أوجب عليهم الاقرار والمعرفة بأن الله واحد أحد؟.
قيل لعلل منها انه لو لم يجب عليهم الاقرار والمعرفة لجاز أن يتوهموا مدبرين أو أكثر من ذلك وإذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصانع لهم من غيره لان كل

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 100.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست