النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢٠
* مقارنة بين عروج النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى قاب قوسين وبين الهجر العمري؟!
عزيزي القارئ قد تقدم في الكتاب الأول ولاية رسول الله التكوينية وقدسية ذاته وتنقله في الأنوار والأصلاب ويأتي توسل الأنبياء به.
وكل ذلك يكشف لنا عظمة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقدسية روحه وعقله، وانه * (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) *.
بعد ذلك كله وبعد انهاء تبليغ الرسالة وعند بدء عوده إلى المقر الأبدي: * (قاب قوسين أو أدنى) * يأتي بعض الصحابة بدلا من تكريم صاحب الرسالة والافتخار به، يأتي ليصفه بوصف كانت كفار قريش تصفه به، جاء من يدعي الاسلام ليصف الحقيقة المحمدية بوصف يخجل الانسان من قوله لخادمه، وصف يكشف عن حقد دفين، " ان الرجل ليهجر..
حسبنا كتاب الله ".
الله أكبر ما هذه الكلمة التي تهد الصخور الصلدة!!
ما هذا الجفاء الذي يملأ قلب عمر بن الخطاب!!
ألهذه الدرجة الملك عزيز!!
أمن أجل إرادة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) التأكيد على وصيته لأول من أسلم وجاهد، من أجل نصب علي (عليه السلام) خليفة يقطع عمر كلامه بهذه الكلمات.
ثم يكرر النبي (صلى الله عليه وآله) طلب الدواة مرة أخرى كما في رواية المجمع الآتية. ويعود عمر لمقولته ثانية.
فجاء الجواب: " اخرجوا لا ينبغي عند نبي التنازع... ".
وماذا يقول لهم عند منعه من الوصية، وهل يراد من الوصية إلا التنفيذ. فإذا قالوا هذه الكلمة - يهجر - فهم على استعداد أن يقتلوا في سبيل الملك وأن يعيدوا الجاهلية.
فلأجل علم النبي (صلى الله عليه وآله) بعدم تنفيذ وصيته أخرجهم من الدار، ولم يؤكد على الوصية لأمير المؤمنين (عليه السلام) مرة ثالثة فيما وصل لنا من مصادر.
وهكذا كان عمر بن الخطاب المانع الأساسي من الوصية، وكان أول من اعترض على
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»