بصرتهم، وسر أنت باهل هذا الحرم حتى توافي الكوفة وقد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم وآفاق بلادهم فإنك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعا وأعز نفرا.
وقال الطبري: قال علي عليه السلام في بادئ الامر: أقم، واكتب إلى أهل الكوفة أن يبعثوا ثلثي جندهم وليقم ثلثا منهم، واكتب إلى أهل البصرة أن يمدوهم ببعض من عندهم ولم يعبئ من الشام جيشا لئلا يفتر جبهة الروم.
وإليك الان رأي الإمام علي عليه السلام الذي استصوبه عمر لما استشاره فقال فيما قال عليه السلام: إن هذا الامر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده وناصر جنده، ومكان القيم بالامر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه، فان انقطع النظام تفرق الخرز وذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا، والعرب اليوم وإن كانوا قليلا كثيرون بالاسلام وعزيزون بالاجتماع، فكن قطبا واستدر الرحا بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك.
إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب فإذا اقتطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك، فاما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فان الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره، وأما ما ذكرت من عددهم فان لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، وإنما نقاتل بالنصر والمعونة (1).