قال يحيى: فذهبت إلى المدينة، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله، خوفا على علي الهادي، وقامات الدنيا على ساق، لأنه كان محسنا إليهم، ملازما للمسجد لم يكن عنده ميل إلى الدنيا.
قال يحيى: فجعلت أسكنهم وأحلف لهم اني لم أؤمر فيه بمكروه، وإنه لا بأس عليه، ثم فتشت منزله فلم أجد فيه إلا مصاحف وأدعية وكتب العلم، فعظم في عيني، وتوليت خدمته بنفسي، وأحسنت عشرته، فلما قدمت به بغداد، بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان واليا على بغداد، فقال لي: يا يحيى إن هذا الرجل قد ولده رسول الله، والمتوكل من تعلم، فإن حرضته عليه قتله، كان رسول الله خصمك يوم القيامة. فقلت له: والله ما وقعت منه إلا على كل أمر جميل.
ثم صرت به إلى سر من رأى فبدأت ب وصيف التركي، فأخبرته بوصوله، فقال: والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك، فلما دخلت على المتوكل سألني عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه وزهادته، وأني فتشت داره ولم أجد فيها إلا المصاحف وكتب العلم، وأن أهل المدينة خافوا عليه، فأكرمه المتوكل وأحسن جائزته وأجزل بره، وأنزله معه سامراء (1).