وفي نفس النص دلالة على أن الإمام كان يدرك ما كان يتخوفه غيره، وأن مصيره لو سار إلى الكوفة هو القتل، ومع ذلك أكمل السير طلبا للشهادة من أجل نصرة الدين ورد كيد أعدائه، وحتى لا تبقى لاحد حجة يتذرع بها لتبرير تخاذله وضعفه.
نعم لقد كان الحسين - عليه السلام - على بينة من أمره وما سيؤول إليه سفره من مصير محتوم، فلا شئ يقف امام ارادته من اجل اعلاء كلمة الدين وتثبيت دعائمه التي أراد الأمويون تقويضها، أنظر إليه وهو يخاطب الحر بن يزيد الرياحي الذي يحذره من مغبة اصراره على موقفه حيث يقول له: أفبالموت تخوفني، وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني، وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله فخوفه ابن عمه وقال:
أين تذهب فإنك مقتول، فقال:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا وخالف مجرما فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم * كفى بك ذلا أن تعيش وترغما (1)