وتحرج سعد بن معاذ من مواجهة أسعد بن زرارة، وهو ابن خالته.
فحرض أسيد بن حضير على أن يقوم فيرده وصاحبه عن الحي. قال:
(لا أبا لك! انطلق إلى هذين الرجلين - أسعد ومصعب - اللذين أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث علمت، كفيتك ذلك. هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما).
فالتقط أسيد بن حضير حربته، ثم أقبل إليهما فقال متوعدا:
(ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة).
قال له مصعب بن عمير:
(أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟).
فركز أسيد حربته وجلس متكئا عليها يسمع حديث مصعب عن الاسلام وتلاوته القرآن، وقد زايله تقبضه وتجهمه. ثم قال متهلل الأسارير:
(ما أحسن هذا الكلام وأجمله!).
وأسلم.
وانطلق عائدا إلى حيث ترك (سعد بن معاذ) ينتظره في الجمع من قومه. فما لمحه سعد حتى قال لمن حوله:
(أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بن حضير بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم).