مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١١٢
كادت تأنس بها عمن فارقت في مكة من أهل ووطن، حتى روعت بما لم تروع به مسلمة غيرها:
ارتد عبيد الله عن دينه الذي هاجر به إلى الحبشة، واعتنق النصرانية دين الأحباش.
وكادت (أم حبيبة) تهلك غما وحسرة:
فيم كانت هجرة عبيد الله، ومحنة البلاء بأذى قومه؟
لقد كان أكرم له أن يبقى على دين آبائه وأن يناضل عنه مع أهله وعشيرته، دفاعا عن مقدسات موروثة.
أما أن يكفر بدين قومه ويرضى الاسلام دينا، ليصبأ في الحبشة ويستبدل بالاسلام دينا لقوم غرباء، كمن يبدل ثوبا بثوب، فأية مهانة وأي عار؟
وهذه الوليدة الحبيبة، ما ذنبها لتبتلى بأب صابئ مرتد؟ وما جريرتها لتبدأ الحياة في أرض غريبة وقد انبت ما بين أبويها وتمزق شمل أهلها وتوزعتهم ملل شتى: فأبوها نصراني، وأمها مسلمة، وجدها مشرك عدو للاسلام؟
واعتزلت (أم حبيبة) الناس بابنتها، مضاعفة الغربة، قد تقوض بيتها في منازل المهاجرين، ولا سبيل لها إلى أرض الوطن، وأبوها هناك يضطهد الدين الذي آمنت به، ويؤذي النبي الذي صدقته واتبعته.
وأين تراها تقيم في أم القرى لو عادت؟
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست