العيش، وكان رسول الله قد استقل في ذلك الحين ببيته ومع زوجه خديجة ومنذ أن فتح لابن عمه بيته وقلبه لم يفترق عنه يوما واحدا في كل الظروف والملابسات.
وكانت فاطمة بنت أسد ترى هذا الامتزاج العاطفي بين ابنها وابن عمه فتسر له، وتفرح فيه فهي تكبر محمدا وتعجب فيه وتعتمد عليه، وتركن إليه، وكان الاثنان يحلانها محل الأم لا فرق بين ابنها وابن عمه.
فقد جاء في الروايات أن الإمام علي بن أبي طالب لما أخبر رسول الله بوفاة أمه قال:
إن أمي قد توفيت يا رسول الله، فيرد عليه رسول الله بل أمي أيضا يا علي.. وناهيك عما تحمل هذه الكلمة من تسلية للابن الفاقد أمه، وما تعطي للأمة من دروس في الوفاء والإخلاص، وحفظ الجميل، وقد أعطاها ثوبه المبارك لتلف به مع كفنها كي يكون لها سترا ومعاذا، وجلس على قبرها بعد أن انفض الجمع، وأخذ يدعو لها ويسأل الله أن يجزيها عنه خيرا ويستعيد في فكره أيامها معه، إذ هو طفل صغير، وحنانها عليه حينما كان يتيما وحيدا، ورعايتها له وهو شاب فتي. وأخيرا قام عن قبرها وهو حزين كئيب.