بالعناية به والحرص عليه، ولكن حليمة لم تكن تحتاج إلى أي توصية فقد ازدحمت في قلبها جميع عواطف الأمومة تجاه هذا الطفل الصغير، وتفجر في فؤادها ينبوع من الحنان لا يمكن له أن ينفد أبدا. وقد كانت تقدمه على أولادها، وتحله في أعلى منزلة من قلبها ورعايتها وبرها وكرمها. وقد اختلقت كثيرا من المعاذير والحجج لتتمكن من استبقائه عندها أكبر مدة ممكنة فما كانت تتمكن أن تنفصل عنه أو أن يفارق أحضانها ويبعد عن ساعديها، فقد كان بالنسبة لها ينبوعا للخير والبركة والسعادة والهناء.
وكذلك كان محمد بن عبد الله أيضا فهو يحبها ويركن إليها ويحترمها صغيرا وكبيرا، ويحفظ لها جميلها بكل احترام، وقد عاشرها سعيدا وفارقها غير قال، ولا عاتب، وقد بقي يذكرها بالخير والاعزاز حتى بعد النبوة، فقد كان صلوات الله عليه يناديها بيا أمي، وإذا أقبلت إليه أفسح لها مجلسا إلى جواره، وقد يتفق أن يهوي على صدرها فيقبله وهو أكثر ما يكون برا بها وحدبا عليها..
ثم يرجع محمد بن عبد الله إلى كنف أمه وجده لكي يحظى برعاية الأم في أوائل صباه ولكي ينشأ في ظل جده