الشعور الذي كان الأولاد يشعرون به قبل الإسلام تجاه الأم التي هي دونهم في الأصل والنسب، فأراد أن يخول الأم وأي أم مكانها الذي يمكنها من حفظ كيانها في كل المجالات والظروف، وتلزم أولادها الطاعة لها مهما اختلفت عنهم في الأصل والنسب. وقد كان رسول الله (ص) يكرر في أكثر من مناسبة قوله: (وإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد) مع أن أم الرسول (ص) كانت من أعرق أسر قريش وأطهرها نسبا وحسبا، وقد جاء في الروايات أيضا أن رجلا سأل رسول الله (ص) عن حق الوالدين فأجابه الرسول قائلا: أمك ثم أمك، ثم أمك ثم أبوك.
فالأم بطبيعتها الأنثوية ورقتها الطبيعية تهب لوليدها من حنانها وعطفها أكثر مما يعطي الأب بل أكثر مما يتمكن أن يعطيه الأب، نظرا لتكوينه الخاص الذي لا يمكنه من الاندفاع وراء عواطفه في الوقت الذي تكون فيه الأم سريعة الاندفاع وراء عواطفها قليلة التمكن من التحكم في مشاعرها. فعلى هذا فإن الولد يستهلك من عطف الأم وحنانها أكثر مما يستهلك من عطف الأب وحنانه، وإن كان الحب الواقعي عند الوالدين في حد سواء.