فمات الكل وهو باق، وفيه يقول أبو السري سهل بن أبي غالب الخزرجي الشاعر:
إن معاذ بن مسلم رجل * ليس لميقات عمره أمد قد شاب رأس الزمان واكتهل * الدهر وأثواب عمره جدد قل لمعاذ إذا مررت به * قد ضج من طول عمرك الأمد يا بكر حواء كم تعيش وكم * نسجت ذيل الحياة يالبد (1) قد أصبحت دار آدم خربا * وأنت فيها كأنك الوتد (الأبيات) وكان معاذ المذكور صديقا للكميت بن زيد الشاعر المشهور، قال محمد بن سهل رواية الكميت سار الطرماح الشاعر إلى خالد بن عبد الله القسري أمير العراقين وهو بواسط فامتدحه فأمر له بثلاثين ألف درهم وخلع عليه حلتي وشي لا قيمة لهما فبلغ ذلك الكميت فعزم على قصده، فقال له معاذ الهراء لا تفعل فلست كالطرماح فإنه ابن عمه وبينكما بون أنت مضري وخالد يمني متعصب على مضر وأنت شيعي وهو أموي، وأنت عراقي وهو شامي فلم يقبل إشارته وأبى إلا قصد خالد فقصده، فقالت اليمانية لخالد قد جاء الكميت، وقد هجانا بقصيدة نونية قد خرق فيها علينا فحبسه خالد وقال في حبسه صلاح لأنه يهجو الناس ويتأكلهم فبلغ ذلك معاذا فغمه فقال:
نصحتك والنصيحة إن تعدت * هوى المنصوح عزله القبول فخالفت الذي لك فيه رشد * فغالت دونك ما أملت غول فبلغ الكميت قوله فكتب إليه:
أراك كمهدي الماء للبحر حاملا * إلى الرمل من يبرين (2) متجرا رملا