إليه بعد إلى الكوفة فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الأحاديث وكان يحمل كتابه ويجئ إلى الحجرة فيقرأه علي.
(ابن الفضل) أبو القسم هبة الله بن الفضل بن القطان المعروف بابن القطان الشاعر البغدادي كان قد سمع الحديث من جماعة من المشايخ وكان كثير المزاح والمداعبات وله نوادر وحكايات طريفة، وله مع حيص بيص ما جريات حكي انهما كانا ليلة على السماط عند الوزير شرف الدين علي بن طراد الزيني فاخذ ابن الفضل قطاة مشوية وقدمها إلى حيص بيص، فقال حيص بيص للوزير يا مولانا هذا الرجل يؤذيني فقال الوزير كيف ذلك؟ قال لأنه يشير إلى قول الشاعر:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا * ولو سلكت سبل المكارم ضلت وكان حيص بيص تميميا. وهذا البيت للطرماح بن حكيم الشاعر وبعد هذا البيت أرى الليل يجلوه النهار ولا أرى * خلال المخازي عن تميم تجلت ولو أن برغوثا على ظهر قملة * يكر على صفي تميم لولت وحكي انه لما ولي الزيني المذكور الوزارة دخل عليه ابن الفضل والمجلس محتفل بأعيان الرؤساء وقد اجتمعوا للهناء فوقف بين يديه ودعا له وأظهر السرور والفرح ورقص فقال الوزير لبعض من يفضي إليه بسره قبح الله هذا فإنه يشير برقصه إلى ما تقوله العامة في أمثالها: أرقص للقرد في زمانه. وقد نظم هذا المعنى في أبيات منها قول من قال:
إذا رأيت امرءا وضيعا * قد رفع الدهر من مكانه فكن له سامعا مطيعا * معظما من عظيم شانه فقد سمعنا بأن كسرى * قد قال يوما لترجمانه إذا زمان السباع ولى * أرقص إلى القرد في زمانه