تعويق الأستاذ لحفظتها بدون ذلك وهذا مع حفظي وظائف الصبيان في المكتب فلما بلغت عشر سنين كان في بخارا يتعجبون مني ثم شرعت في الفقه فلما بلغت اثنتي عشرة سنة كنت أفتي في بخارا على مذهب أبي حنيفة ثم شرعت في علم الطب وصنفت القانون وانا ابن ست عشرة سنة فمرض نوح بن منصور الساماني فجمعوا الأطباء لمعالجته فجمعوني معهم فرأوا معالجتي خيرا من معالجات كلهم فصلح على يدي فسألته ان يوصي خازن كتبه ان يعيرني كل كتاب طلبت ففعل فرأيت في خزانته كتب الحكمة من تصانيف أبى نصر طرخان الفارابي فاشتغلت بتحصيل الحكمة ليلا ونهارا حتى حصلتها فلما انتهى عمري إلى أربع وعشرين كنت أفكر في نفسي ما كان شئ من العلوم انى لا أعرفه انتهى.
ويحكى انه لم يكن في آن فارغا من المطالعة والكتابة وقليلا من الليل يهجع، وإذا تردد في مسألة يتوضأ ويعزم جامع البلد ويصلي فيه ركعتين بالخشوع ويشتغل بالدعاء والاستعانة إلى أن ترتفع شبهته ومرت به طواري مختلفة وقاسى ما يقاسيه طالب العلى، وله تأليفات مشهورة منها: القانون والشفا والإشارات وقد شرح القسم الإلهيات من الإشارات الخواجة نصير الدين الطوسي والفخر الرازي وكتب القطب الرازي المحاكمات وهو شرح له، حكم بينهما في شرحيهما على الإشارات.
ولابن سينا رسالة في جواب سؤالات أبى الريحان البيروني وهذه الرسالة مذكورة بالفارسية في المجلد الثاني من نامه دانشوران. ومن شعره القصيدة العينية:
هبطت إليك من المحل الا رفع * ورقاء ذات تعزز وتمنع محجوبة عن كل مقلة عارف * وهي التي سفرت ولم تتبرقع وصلت على كره إليك وربما * كرهت فراقك وهي ذات تفجع أنفت وما ألفت فلما واصلت * ألفت مجاورة الخراب البلقع وأظنها نسيت عهودا بالحمى * ومنازلا بفراقها لم تقنع حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها * من ميم مركزها بذات الأجرع