تجوز إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه مع أن الرعية تحتاج إليه ورد بأن هذا من أكبر الدلائل على فضله لقوله الآخر أطعيوني ما أطعت الله فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم لان كل أحد ما عدا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تجوز عليه المعصية ولما بويع بالخلافة أصبح رضي الله تعالى عنه على ساعدة قماش وهو ذاهب به إلى السوق فقال له عمر أين تريد قال السوق قال تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين قال فمن أين أطعم عيالي فقال انطلق يفرض لك أبو عبيدة فانطلقا إليه فقال أفرض لك قوت رجل من المهاجرين ليس بأفضلهم أي في سعة النفقة ولا بأوكسهم وكسوة الشتاء والصيف وإذا أبليت شيئا رددته وأخذت غيره ففرض له كل يوم نصف شاة وفي رواية جعل له ألفين فقال زيدوني فان لي عيالا وقد شغلت عن السفارة فزادوه خمسمائة وهو رضي الله تعالى عنه أول من جمع القرآن وسماه مصحفا واتخذ بيت المال وسها من جعل ذلك من أوليات عمر رضي الله تعالى عنه ولما اختلف علي والزبير ومن معهما كالعباس وطلحة بن عبيد الله والمقداد وجمع من بني هاشم في بيت فاطمة كما تقدم عن المبايعة استمروا على ذلك مدة لأنهم رضي الله عنهما وجدوا في أنفسهم حيث لم يكونوا في المشورة أي في سقيفة بني ساعدة مع أن لهم فيها حقا وقد أشار سيدنا عمر رضي الله عنه إلى أن بيعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه كانت فلتة أي بغته لا عن استعداد لها ولكن وقى الله شرها أي لم يقع فيها مخالفة ولا منازعة ولذلك لما اجتمعوا أي علي والزبير والعباس وطلحة بن عبيد الله ومن تخلف عن المبايعة منهم بأبي بكر رضي الله عنه قام خطيبا وقال والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة قط ولا كنت راغبا فيها ولا سألتها الله في سر ولا علانية ولكن أشفقت من الفتنة أي لو أخرت إلى اجتماعكم وقد روى أن شخصا قال لأبي بكر رضي الله عنه ما حملك على أن تلي أمر الناس وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين فقال لم أجد من ذلك بدا خشيت على أمة محمد صلى الله عليه وسلم الفرقة وقال ما في الإمارة من راحة لقد قلدت أمرا عظيما ما لي به من طاقة فقال علي والزبير رضي الله تعالى عنهما ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها إنه لصاحب الغار وإنا لنعرف شرفه وخيره ولذا أمره
(٤٨٤)