السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٣
منهم أطوف بالبيت كما ولدتني أمي ليس علي شيء من الدنيا خالطه الظلم أي وفي لفظ التي قارفنا فيها الذنوب وكان لا يطوف الواحد منهم بثوب إلا بثوب من ثياب الحمس وهم قريش يستعيره أيو يكتريه وإذا طاف بثوب من ثيابه ألقاه بعد طوافه فلا يمسه هو ولا أحد غيره أبدا فكانوا يسمون تلك الثياب اللعنى وفي الكشاف كان أحدهم يطوف عريانا ويدع ثيابه وراء المسجد وإن طاف وهي عليه ضرب وانتزعت منه لأنهم قالوا لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها وقيل تفاؤلا بأن يعروا من الذنوب كما يعرون من الثياب وكانت النساء يطفن كذلك وقيل كانت الواحدة تلبس درعا مفرجا وقد طافت امرأة عريانة ويدها على قبلها وهي تقول * اليوم يبدو بعضه أو كله * فما بدا منه فلا أحله * فأنزل الله تعالى * (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) * فأبطلت ذلك سورة براءة في تلك السنة أي وقيل الزينة المشط وقيل الطيب وكان بنو عامر في أيام الحج لا يأكلون الطعام إلا قوتا ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجتهم فقال المسلمون فإنا أحق أن نفعل ذلك فقيل لهم * (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) * ويحكى أن بعض الأطباء الحذاق من النصارى قال لبعض الحكماء ليس في كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان فقال له قد جمع الله الطب كله في بعض آية من كتابه قال له وما هي قال قوله * (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) * فقال النصراني ولا يؤثر عن رسولكم صلى الله عليه وسلم شي من الطب قال قد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطب في ألفاظ يسيرة قال وما هي قال قوله المعدة بيت الداء والحمية راس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته فقال ذلك الطبيب ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس شيئا وبينت براءة أن من كان له عهد فعهد إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأجله إلى أربعة
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»