السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٧
الخير فارجعوا إلى أهليكم فإن الحقوق في مالي كثيرة فرجعوا عنه خائبين ثم رجعوا اليه قالوا له أنا أعجلناك فيما أخبرناك به ولما استثبتنا علمنا أنا غلطنا وليس هو المنتظر فرضي عنهم ووصلهم وجعل لكل من تابعهم من الأحبار شيئا من ماله وهذا نزل فيه قوله تعالى * (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما) * استودعه شخص دينارا فجحده كذا في تكملة الجلال السيوطي وفي الكشاف وفروعه أنها نزلت في فنحاص بن عازوراء وقد يقال لا مانع من تعدد الواقعة ولما انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وقدم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهما مبشرين لأهل المدينة بذلك وصارا يقولان قتل فلان وفلان وأسر فلان وفلان من أشراف قريش صار كعب يكذب في ذلك ويقول هؤلاء أشراف العرب وملوك الناس والله إن كان محمد قتل هؤلاء القوم فبطن الأرض خير من ظهرها أن كما تقدم فلما يتقن عدو الله الخبر خرج حتى قدم مكة وكان شاعرا فجعل يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ويمدح عدوهم ويحرضهم عليه وينشد الأشعار ويبكي من قتل ببدر من أشراف قريش فقال صلى الله عليه وسلم اللهم اكفنى ابن الأشرف بما شئت ثم رجع إلى المدينة أي بعد أن لم يجد من يأوى رحله بمكة أي لأنه لما قدم مكة وضع رحله عند المطلب بن وادعة وأكرمته زوجة المطالب وهي عاتكة بنت أسيد فدعا رسول اله صلى الله عليه وسلم حسان وأخبره بذلك فهجا المطلب وزوجته فلما بلغهما هجاء حسان ألقت رحله وقالت مالنا ولهذا اليهودي وأسلم المطلب وزوجته بعد ذلك رضي الله عنهما وصار كلما تحول عند قوم من أهل مكة صار حسان يهجوهم فيلقون رحله أي يقال إنه خرج في سبعين راكبا من اليهود إلى مكة ليحالفوا قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على أبي سفيان فقال لهم أبو سفيان إنكم أهل الكتاب ومحمد صاحب الكتاب ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين وآمنوا بهما ففعلوا فأنزل الله تعالى * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) * أي وحالفهم عند استار الكعبة على قتال المسلمين فخرج من مكة للمدينة فلما وصل إلى المدينة وصار يشبب بنساء المسلمين أي يتغزل فيهن ويذكرهن بالسوء حتى آذاهن
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»